الأربعاء، 29 يونيو 2011

قلعة دمشق

يهيأ للناظر إلى قلعة دمشق، أن كل شيءٍ فيها يتكلم، من خلال أطيافِ أٌناس عاشوا في كل زاوية فيها، المكان ينبض بهمسات اتسز وتتش ونور الدين وصلاح الدين والظاهر وجندهم والحاشية، وحتى المنجنيق الجاثم في ساحتها الفسيحة يناديك ليقول، أنا من كنت أصول وأجول لأحمي قلعتي والمدينة، بهذه الكلمات أبتدئ وصف قلعة دمشق، التي تعد تحفة من تحف فن البناء المعماري عبر تاريخها الطويل ومعلم أثري على مر العصور.
تاريخ البناء
تعود أقدم سوية فيها إلى عام 2600 قبل الميلاد، وبالرغم من أنه لم يأتِ ذكر للقلعة في الفترة الرومانية إلا أنه من المرجح أن تكون بناء روماني بني ليكون مركزاً لفرقة الفرسان الرومانية المتمركزة في دمشق، وفي الفترة الإسلامية الأولى لم تكن القلعة لافتة، إلا أنه بقدوم الأمير السلجوقي أتسز بن أوق الخوارزمي التركماني وانتزاعه دمشق من أيدي الفاطميين عام1076م, أمر ببناءها في الزاوية الشمالية الغربية لمدينة دمشق القديمة، استُعمل في بناءها حجارة سور دمشق الروماني المهدم.
كان الهدف من بنائها جعلها مقراً للقيادة العسكرية ومركزاً لإيواء الجند وحصناً لمواجهة التمردات الداخلية، وفيما بعد أكمل الأمير تتش بن ألب أرسلان عام 1078م البناء، ويعتقد أن السلاجقة اعتمدوا القلعة كحصن دفاعي خارجي بسبب تهدم سور دمشق، وعلى هذا فقد قاموا بتجديد القلعة وإضافة بعض المنشات إليها لتأخذ شكلاً مستطيلاً بدلاً من شكلها الأصلي المربع.
وفي الفترة الأيوبية أضاف السلطان نور الدين محمود زنكي أبنية دفاعية جديدة للقلعة بعد أن أمر بتحصين المدينة، وترميم أسوارها، ليتسلمها صلاح الدين الأيوبي صلحاً عند دخوله دمشق عام 1174م، ويجعلها مقراً لحكمه بعد ترمّمها وإضافة أبنية أخرى إليها، وليدفن في قسمها الغربي عام 1193م ، وينُقل جثمانه بعد ثلاث سنوات إلى المدرسة العزيزية بجانب الجامع الأموي، أمر الملك العادل بن أبي بكر بن أيوب شقيق صلاح الدين 1202م بهدم القلعة، لعدم قدرتها على التصدي للجيوش الصليبية التي كان يعد نفسه لمواجهتها، لذلك حرص على إحاطة القلعة القديمة بخط دفاعي جديد قبل البدء بعملية الهدم، ولقد استمرت عملية البناء 15 عاماً من العمل الشاق المضني، حيث شارك سكان دمشق الأمراء الأيوبيين في عملية البناء، بعد أن اختص كل منهم ببناء جانب من سور القلعة أو برج من أبراجها، وعليه جاءت القلعة الجديدة آية في فن العمارة و التحصين العسكري، سواء من حيث القوة والمنعة أو ضخامة الأبراج أو المساحة، لكنها حافظت على الشكل المستطيل ذي الأضلاعغير المستقيمة، التي تراوحت أبعادها بين225 م إلى 260 م طولاً و 120 م إلى 165 م عرضاً، مع الإبقاء على بعض المنشات، لتبلغ مساحة القلعة 33176م2.
سُميت القلعة المنصورة، احتوت بين جدرانها الحجرية السميكة مدينة صغيرة، ضمت مقر الحكم، وقصر الحاكم المؤلف من طابقين وعدد من القاعات الصغيرة ، ومسجد، ومدرسة، ومصنع للأسلحة، وأبراج للحمام الزاجل، ودار لصك النقود، وسجن، وحمّام، ومنازل للأعيان، وما زالت قاعة العرش الماثلة بألقها المتميز، تروي لزائريها، قصص مَن ارتادها مِن الحكام والعلماء والفلاسفة، كعماد الدين الأصفهاني وبهاء الدين بن شداد.
اهتم السلاطين الأيوبيين بعد الملك العادل بصيانة القلعة وترميمها وتحصينها، وكان من أكثرهم اهتماماً أبناء الملك العادل عيسى والصالح إسماعيل والملك المعظم، ثم أخوه الملك الكامل.
صمدت قلعة دمشق أمام هجوم هولاكو المغولي عام 1260م، ولكنها سقطت بعد حصارها وضربها بالمنجنيق، فهدمت بعضاً من أجزائها، ونهبت، وأعدم واليها، لتعود بعد هزيمة المغول على يد الظاهر بيبرس في معركة عين جالوت، كمقراً لنائب السلطان الأمير علاء الدين سنجر الحلبي، رممت وحصنت في عهد الظاهر بيبرس، الذي تُوفي فيها، ونُقل جثمانه إلى المدرسة الظاهرية فيما بعد، استمر المماليكبتحصينها والاهتمام بها خلال حكمهم بين (1259- 1516م)، واستعملت في الفترة العثمانية (1516-1918)، مقراً للجند الإنكشاريةوالدالاتية وآغا القلعة، وكانت في فترات مختلفة مقرا للوالي والحاكم في دمشق، لتصبح فترة الاحتلال الفرنسي لسوريا ( 1920-1946) سجناً مدنياً، ومقراً لبعض عناصر الشرطة.

ثم أخليت بعد بناء السجن المركزي، وبدأ بترميمها منذ تشرين الثاني 1984، لتكون معلماً سياحياً مهماً من معالم دمشق الخالدة.
تخطيط القلعة
هي نموذجاً متميزاً للعمارة العسكرية الأيوبية، امتدت ما بين باب الفرج شمالاً وباب النصر غرباً، تنفرد عن بقية القلاع بمحاذاتها لسوية أرض المدينة القديمة، يحيط بها سور بسماكة تتراوح بين 4 و 5م، وخندق بعرض 20م.

أبراج القلعة
ومن أهم معالم القلعة الأبراج السبعة الموزعة على محيطها والتي أنشئت في فترات زمنية متعاقبة وبأشكال مختلفة تتناسب مع الوظائف التي أنشأت من أجلها، أهمها برجان مستطيلان بُنيا فترة الملك العادل أبعاد كل منهما 13×26م، ، يتألف كل واحد منها من ثلاث طبقات، في كلٍ منها خمس فتحات للرمي، وحول كل سطح حواف، تعلوها كوات مستطيلة مسننّة.
تميز برج الزاوية الشمالية الشرقية، بكونه برج متقدم للدفاع، نقشت على واجهته الشرقية كتابة بالخط النسخي تعود للعهد الأيوبي، وقد أُحدثت فيه في القرن 16م فتحة مستطيلة للرمي،
ووخلف الأبراج والبدنات ممر دفاعي مسقوف يؤمن الاتصال يبن جهات القلعة الأربع .
فيها 12 برجاً بين مستطيل ومربع، تألف كل برج من عدة طوابق، في كل طابق ردهة واسعة، معقودة بالحجارة الضخمة المدببة، جهزت برواشن بارزة، لصب السوائل المغلية، والقذائف المشتعلة، وعددها بين 4 و5، في أعلى الأبراج أفاريز، وحواف مدرجة، وأبواب مقرنصة، اعتمد معمار القلعة وهندستها على الكتلة البنائية الضخمة للأبراج فأحجار الأبراج هي أحجار ذات بطون لامتصاص صدمات القذائف الموجهة إليها، أما مرامي النبال فعبارة عن فتحات مستطيلة ضيقة، أصبحت في القرنين 12 و13 على شكل محاريب بين جدارين مائلين بشكل متعاكس، زودت القلعة بممر مسقوف بالقبوات المتصالبة حول كامل محيطها الداخلي مع ممشى على سطحه، تألفت جدران القلعة من ثلاث طبقات، جعلت سفوحها السفلية مائلة، وسماكتها ثلاثة أمثال غيرها، وكذلك صممت نهاية الأعمدة بشكل أفقي لدعم الجدران، ونحتت الحجارة بشكل بارز بمقدار 10-30سم لمقاومة ضربات المنجنيق، وأحيطت قاعدة الجدران بإطار حجري عرضه 5سم، لجعل القلعة أكثر منعة وقوة.
أبواب القلعة
للقلعة أربعة أبواب، اثنان منها رئيسيان، هما الشمالي والشرقي، وآخران فهما سرّيان، يُؤديان إلى خارج القلعة.
· باب الحديد في سورها الشمالي (جميل له مقرنصات نُقشت عليه قرارات عسكرية وإدارية) محاذي لنهر بانياس وهو عبارة عن بابين، أحدهما خارجي، جُدّد في القرن 15م والآخر داخلي، والممر بينهما معقود بالحجارة.
· باب جسر الخندق الشرقي و هو الباب الرئيسي يفتح عند سوق ابن أبي عصرون (سوق العصرونية) وكان له جسر خشبي متحرك، واستعمل هذا الباب للدخول والخروج إلى دار الإمارة، عرض الباب 266سم ويقع ضمن إيوان، عرضه 4.21م وعمقه 2.20م. ويقع الباب بين برجين متقاربين المسافة بينهما عشرة أمتار فقط.
· الباب الغربي (أو باب السر) ويقع غرب القلعة، ويُفتح على منطقة السنجقدار حالياً، كان السلاطين و الأمراء و الولاة يدخلون و يخرجون منه سراً.

· باب السر الجنوبي الواقع مقابل دار السعادة و المغطى حاليا بمباني سوق الحميدية، وللبابان جسور متحركة فوق الخندق في الغرب وفي الجنوب.

ويحيط بالقلعة خندق عميق يملأ بماء بردى المجاور أثناء الحصار، وقد استمر السلاجقة و الأيوبيون في استثماره والاعتناء به، تم توسيعه عام1214-1216م ليصبح بعرض 20 متراً، وقد يضيق ليصل إلى 5 أمتار، وقدردم الخندق إلا من الجهة الشمالية حيث أصبح مجرى لنهر العقرباني.
زودت القلعة بالمياه بجر مياه نهر بانياس النظيفة إلى داخل القلعة من خلال قناة تحت الأرض تدخل من الجهة الغربية وتتوزع على الحمامات والدور و المسجد والبرك، بالإضافة إلى ماء النهر فقد أكدت المصادر التاريخية وجود آبار احتياطية داخل القلعة لاستخدامها في حال قطع المحاصرون ماء النهر .

تعرضت القلعة إلى العديد من الكوارث كهدم بعض أجزائها نتيجة الزلازل أو العمليات الحربية، كقصف القوات الفرنسية لها إبان العدوان على دمشق سنة 1945م، الذي أدى إلى هدم جزء منها وإحراق دور كثيرة في منطقة العصرونية والأحياء المجاورة للقلعة.
دور القلعة السياسي والعسكري والاجتماعي:
لعبت قلعة دمشق في العهدين السلجوقي والأيوبي أدواراً سياسية وعسكرية متفاوتة في الأهمية فقد كانت مقراً للسلاطين نور الدين وصلاح الدين والملك العادل، شكلت مركزاً للنشاطات السياسية والعسكرية في الفترة الأهم من الحروب الصليبية، تألقت في العهد المملوكيلكونها قلعة السلطان ورمز سلطته في حضوره وغيابه، حيث شكلت البؤرة الرئيسة لمراكز البريد في بلاد الشام، لكونها حلقة الوصل بين النيابات ومقر السلطنة قلعة القاهرة، حيث تفرع منها خطان بريديان رئيسان إلى قلعتي البيرة والرحبة، باعتبارهما من مدن المواجهة مع الصليبيين والمغول.
استعملت أسلحة مختلفة للدفاع عن القلعة، من أهمها المنجنيق، والمكحلة (المدفع) استعمل فيه كحل البارود، وقواريرالنفط والنشاب.
كانت القلعة في حالة السلم مدينة مكتفية، ففيها سكانها وجنودها وموظفوها وفقهائها، ولها صندوق مال مستقل، ومركز للبريد، ومخازن للمؤن، وسجن ومسجد، وطاحونة، عدا القصور والبيوت.
وفيما بعد حرمت القلعة في العهد العثماني, من دورها السياسي و تحولت إلى ثكنة عسكرية وفقدت استقلاليتها .
أهم المنشآت المدنية التي مازالت حتى الآن

جامع أبي الدرداءوهو قاعة واسعة تتصل بالبرج الشمالي المتوسط، وإلى جانبها إيوانان صغيران، ويعلو القاعة قبة وفي الحرم ضريح ينسب إلى الصحابي أبي الدرداء.
القصر بناءكبير يمتد خلف الممر الدفاعي الجنوبي بطول 80 متراً، يتألف من طابقين بارتفاع 15.5متراً، في كل طابق ستة أواوين، يتكون من قاعات عدة، مسقوفة بعقود متقاطعة ولها أبواب،وثمة قاعة تتوسطها قبة.
محيط القلعة
قديماً أطلت القلعة من جميع جهاتها على مناطق منبسطة خالية، يحيطها خندق، ومنطقة سوق السروجية (هدم قسم منه عام1970 ) من الشمال، ومن الغرب طريق يوازي الخندق الذي ردم لينشأ سوق الخجا، ومن الشرق ردم الخندق في أواخر العصر العثماني وأقيم فوقه سوق العصرونية الذي أزيل عام 1983، والتصقت بجدار القلعة محلات تجارية باستثناء باب القلعة الذي أصبح بابا للسجن، أما من جهة الجنوب فكان سوق الأروام يحاذي الخندق، ليترك مجالاً لظهور أجمل واجهات القلعة، وفيما بع ردم الخندق وأقيم سوق الحميدية.
أعمال الترميم
تمّ بين عامي 1982 - 1985 إخلاء القلعة من الشرطة، وأزالة الأبنية المضافة وبخاصة السجن، و إجراء سبر وتنقيب في ساحة القلعة، وأعيد بناء البرج الجنوبي الغربي كاملاً ورممت الأسوار الشمالية، وأبرزت أجزاء القلعة السلجوقية المتقدمة عام 1988.
سعت المديرية العامة للآثار للحفاظ على الآثار من خلال التعاطي معها لإظهار جماليتها، وتقديمها للعالم كثروة تاريخية وسياحية قادمة من الماضي، وحاضرة كإرث قيم يتم استثماره للأجيال الحالية والمستقبلية.
هذا وقد عثر خلال الأعمال الأثرية للقلعة وعمليات الترميم على اكتشافات مهمة ساهمت في تقديم معطيات تاريخية ومعمارية وأثرية مهمة من بينها القاعة الأيوبيةالمناظرة لقاعة العرش والخوذ المملوكية والحمام المملوكي والبقايا المدفنية العظمية التي تعود لمنتصف الألف الثالث قبل الميلاد والبوابات الجانبية العائدة إلى القلعة الأيوبية.
تفسير بعض الكلمات الواردة في النص :
شرفات بارزة، مرمى النبال، رواشن: وهو عنصر معماري عسكري يوجد في أعلى البناء، يبرز عنه وهو موضع لرمي السهام وتظهر به فتحات سفلية لإسقاط السوائل الساخنة على الأعداء.
الإنكشارية: أطلق اسم الإنكشارية على طائفة عسكرية من المشاة العثمانيين ، يشكلون تنظيمًا خاصًا، أعظم فرق الجيش العثماني وأقواها جندًا وأكثرها نفوذًا.
الإيوان هو قاعة مسقوفة بثلاثة جدران فقط والجهة الرابعة مفتوحة تماما للهواء الطلق أو قد تكون مصفوفة بأعمدة أو يتقدمها رواق مفتوح وتطل على الصحن أو الفناء الداخلي.
البدنات والمفرد بَدَنة: عنصر معماري دفاعي يصل بين العناصر الأخرى كعضادة كبيرة .
الشراريف: أو الشرّافات عنصر تزييني قادم من بلاد الرافدين ، عبارة عن مروحيات تعلو السور و تأخذ الشكل المتدرج كما في أعلى حائط الجامع الأموي في دمشق ومحراب معبد عمريت في طرطوس.
سوق الأروام: سوق الأروام فقد كان سوقاً موازياً لسوق الحميدية من الجنوب، وسمي بذلك نسبة للأتراك الذين أطلق عليهم في عصر المماليك اسم الأروام، لأنهم قطنوا القسطنطينة .
المراجع:
الندوة الدولية، دمشق في التاريخ، وزارة التعليم العالي، دمشق، 2006.
قتيبة الشهابي، دمشق تاريخ و صور، مؤسسة النوري للطباعة والنشر, دمشق, .1994






السيف الدمشقي

  يعد السيف عند العرب عنوانا للشجاعة ورمزاً للأصالة،  له صدارة البيوت وفخر الأنساب يتوارثه الأبناء عن الأحفاد بزهو وكبرياء، وهو جزء من تاريخنا و جزء من تراثن
شام ياذا السيف لم يغب             ياكلام المجد في الكتب
      

تعد دمشق من أقدم مدن التاريخ التي يُشهد لها بصناعات عريقة، منها صناعة السيوف.
حيث برز السيف الدمشقي عن غيره من السيوف العربية بجمال الشكل وروعة النقوش التي برع الصناع بتنزيلها على سطح السيف بالذهب والفضة،  كما اشتهر بثبات معدنه وتموج جدائله المصنوعة من الفولاذ والحديد والنيكل ومادة الفضة- مما أكسبه القوة والصلابة[1] والمرونة وخفة الوزن بآن معاً ، ويشمل أنواعاً ونماذج كثيرة.
 تمتاز السيوف الدمشقية بظاهرة فنية تعرف باسم "جوهر السيف " وهي عبارة عن تموجات ترى على صفحات النصال وتشبه عقداً متناسقة متقاربة متلاصقة، كبقع يخيل لعين الناظر إليها أنها مؤلفة من آلاف الأسلاك الفولاذية الدقيقة الممتزجة بمعدن آخر يختلف عنها من حيث اللون، وقد قيل فيه :
ترى فوق متنه الفرند كأنه
بقية غيم رق دون سماء ...
ابن المعتز:
كذلك يقول أبو الهول الحميري:

وكأن الفرند والجوهر الجاري                                  
على صفحتيه ماء معين.

ويشرح قاموس العلوم النظرية والتطبيقية كلمة الفولاذ الدمشقي كما يلي: ( إنه فولاذ كان يأتينا فيما مضى من الشرق، تحت اسم دمشق لأنه استخدم في دمشق بسورية منذ زمن سحيق، لصنع أسلحة اشتهرت بمتانة وحدة قطعها.. فالنصل الدمشقي الأصيل يمكن أن يقطع بكل يسر قطعة من الشاش في الهواء كما يستطيع أن يقطع عظاماً ومسامير من غير أن يتثلم.. إن نصل سيف من الفولاذ الدمشقي ينطوي إذا ثنيناه بزاوية ما، من غير أن ينكسر ثم يعود إلى حالته الأولى بسبب مرونته الفائقة).‏
يعتبر(أسد الله الدمشقي)، من أمهر  صناع السيوف، أسره(تيمورلنك) مع أكثر من ثلاثين ألف أسير سوري بعد أن غزا  بلاد الشام، ودمر ورشات الأسلحة في دمشق، وكان في طريقه يفرز الأسرى وفقاً لحرفة كل منهم ويوزعهم على المناطق وفقاً لاحتياجات إمبراطوريته.. فأنزل صناع الأسلحة الدمشقيين في مقاطعتي خراسان في إيران وسمرقند في بلاد ما وراء النهر بتركستان، وإليهما حمل أولئك الأسرى صناعة النصال الدمشقية المشهورة.‏
وصلت شهرت السيف إلى الآفاق، فكتب الرحالة (نيكولو دي بوجونسي): وفي عام (1346م) ليس من مكان في العالم تصنع فيه السيوف ما هو أفضل من دمشق.‏

ويتحدث الكندي عن السيوف الدمشقية فيقول عرفت بجودتها منذ القدم وامتازت نصالها بقطعها الجيد إذا كانت على سقايتها الأصلية، والسيوف الدمشقية اقطع جميع السيوف المولدة وتتراوح أثمانها خمسة عشر درهما إلى عشرين.
ورد ذكرها ابن عساكر والقلقشندي وغيرها، ومن ابرز نماذج هذه السيوف المحفوظة في متحف طوب كابي سراي في استانبول، سيف معاوية وهو مستقيم وسيف عمر بن عبد العزيز وسيف مستقيم عليه اسم سعد بن عبادة من الصحابة مع كتابات دمشقية متأخرة وسيف عليه نقوش للسلطان قايتباي.
 
 وقديماً كان اسم صانع السيف وتاريخ صنعه ينقشان إلى جانب اسم صاحب السيف إذا كان خليفة أو ملكاً أو سلطاناً أو وزيراً أو أميراً، ويحيط به العديد من مختلف أنواع نقوش الزخارف الإسلامية والكثير من الآيات القرآنية أو الأحاديث الدينية والأدعية المتنوعة، أو تكتب على نصاله أيضاً عبارات تنطوي على معاني التمجيد والاحترام وما شابه ذلك.
 بلغت الأسلحة الدمشقية حداً من الشهرة، مما جعلها هدايا يتبادلها الملوك.

 ذكر (المقريزي).. أرسل السلطان المملوكي الظاهر بيبرس عام (1263م) هدايا بصفة ديبلوماسية مع مبعوثين إلى الأمير المغولي (بركة خان) في كيتشباك جنوب روسيا وكانت هذه الهدايا من السيوف الدمشقية.‏
وهكذا شكّل السيف الدمشقي عبر القرون الماضية لغزاً مستعصياً على الحل في الصناعة الحربية، إذ رويت عنه الأساطير، ونسجت حول صناعته القصص و الحكايات.








[1] - الصلابة: أما بالنسبة لعملية السقاية فيقصد بها "نشافة" الصلب- أي صلابته- وجعله ينشف بعد عملية التشكيل والتسوية إلى الحد الذي يجعله صلباً لا يتآكل بسرعة خلال استعماله لفترة طويلة، معدل النشافة. وبعدئذ يغمر الصلب بمادة الزئبق والماء البارد المذاب فيه قليل من ملح الطعام والزيت وذلك لتبريده بعد التقسية.
[2] - صانع السيوف جين بابتيست شارليز 1867

صلاح الدين الأيوبي1137-1193م

ماتزال ذكرى البطل صلاح الدين الأيوبي حية تتناقلها ذاكرة الأجيال جيل بعد جيل، وما تمثال صلاح الدين الجاثم أمام قلعته الذي أزيح عنه الستار عام 1993م، فى الذكرى الثمانمائة لوفاة صلاح الدين، إلا دليل على ذلك.

تلقّى صلاح الدين في دمشق العلم على أيدي كبار العلماء، وأتقن الفروسية والفنون القتالية على يد عمه القائد شيركوه، وخلال رحلته مع العلوم والفروسية تشرّب صلاح الدين القيم النبيلة من شجاعة وشهامة، وحلم وكرم، ونبل ومروءة، وكان السلطان نور الدين قد لمح فيه النَّجابة، فرفع من شأنه، وأسند إليه منصب رئاسة شرطة دمشق، فقام بمهامه خير قيام وطهّر دمشق من عبث اللصوص وشرور المفسدين، ونشر في رحابها الأمن والاستقرار.

قضى فترة شبابه في بلاط الملك العادل الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي ملك دمشق،  كقائداً في جيشه، ونظراً لكفاءته أرسله نور الدين من دمشق إلى مصر على رأس جيش لمواجهة الصليبين، ليستكمل عمل عمه أسد الدين شيركوه، بسط سيطرته على مصر وعمل على صد الحملة الصليبية، فنجح في عرقلة هجوم الصليبيين سنة 1169 م، وبعد موت العاضد سنة 1171م، وانتهاء الخلافة الفاطمية في مصر،  حكم صلاح الدين مصر كممثل لنور الدين، وبعد موت نورالدين سنة 1174 م اتخذ صلاح الدين لقب "سلطان".

في مناقب صلاح الدين يقول ابن الأثير الجزري، والقاضي ابن شدّاد: " وكان- رحمه الله - كريماً، حليماً، حسن الأخلاق، متواضعاً، صبوراً على ما يكره، كثير التغافل عن ذنوب أصحابه، … وكان عنده علم ومعرفة، وسمع الحديث وأسمعه، وبالجملة كان نادراً في عصره، كثير المحاسن والأفعال الجميلة، ... ".

تحدّث عنه أصحابه بكل محبة وإجلال، وكتب عنه أعداؤه بكل إعجاب وإكبار، حتى إنه حاز لقب لبطل الأنقى، اللقب الممنوح من قبل حفدة الفرنجة الذين قاتلهم وقارعهم في كل ساحة من ساحات شرقي المتوسط، منهم ألبير شاندور، صاحب كتاب (صلاح الدين الأيوبي البطل الأنقى في الإسلام).
فارس معركة حِطّين، هب الفارس صلاح الدين مدافعاً عن مواطنيه، مندداُ بأعمال الصليبيين فاستنفر القوات الإسلامية في كل من مصر والشام وكردستان، وهاجم حصون الفرنجة وقلاعهم في سنة (583 هـ/1187 م)، وخاض معركة فاصلة ضدهم في حطين قرب بحيرة طبرية بفلسطين، محققاً النصر الحاسم السبت (24 ربيع الثاني 583 هـ/4 تموز 1187م)، ليتقدم بسرعة نحو حصون الفرنج ليفتح حصون طبريّا، وعكا، والناصرة، وقيساريا، وحيفا، وصَفُّورية، وليستولي بعدهاعلى صيدا، وبيروت، وجُبَيْل أيضاً ، في حين زحف أخوه الملك العادل بجيش من مصر ففتح يافا، لتصبح الطريق مفتوحة إلى القدس أمام الجيش العربي، الذي سار بقيادة صلاح الدين الأيوبي ليصل إليها في( 15 رجب سنة 583 هـ/20 أيلول 1187 م)، فهاجم أسوارالمدينة في(27  رجب 583 هـ/2 تشرين الأول 1187 م)، بعد أن رفض الفرنج دعوته إلى السلم، وواصل الجيش الأيوبي زحفه
ببسالة متابعاُ القتال تحت وابل من قذائف الفرنج وسهامهم، ليصل خندق المدينة فيجتازه إلى سورها فينقّبه، اشتد القتال بين الفريقين، وشرع المسلمون يحفرون الأنفاق تحت الأسوار والأبراج، تمهيداً للدخول إلى المدينة، ولما تأكّد للفرنج أنهم غير قادرين على الاستمرار في المقاومة، اجتمع رأيهم على طلب الأمان، فأرسلوا وفداً إلى صلاح الدين بزعامة قائدهم باليان، ودارت المفاوضات بين الجانبين، وحقناُ لإراقة المزيد من الدماء، وافق على استسلامهم وفق شروط محددة، ليغادرالفرنجة بعدها القدس آمنين.
 نحن نتكلم في مقامنا هذا عن معركة تعتبر أم المعارك في التصدي لمطامع مستعمر أصر على النيل من العرب وإذلالهم، إلا أن حنكة صلاح الدين ونفاذ بصيرته في توليه زمام الأمور، رد كيد أعدائه في نحورهم. 
وفيما بعد، وبعد تحرير القدس، يعود صلاح الدين ليتصدّى بقوة للحملة الفرنجية الثالثة التي استهدفت استرداد بيت المقدس سنة (585هـ/1189 م)، ليعيد أعدائه خائبين من حيث أتوا.
توفي صلاح الدين، في فجر اليوم السابع والعشرين من شهر صفر، الموافق 4 مارس/آذار عام(589 هـ/1193 م)، وخرج أهل دمشق كباراً وصغاراً يشيّعونه إلى قبره بعيون دامعة وقلوب تتفطر حزناً.
لم يكن صلاح الدين عظيماً لأنه كان سلطاناً فقط، وإنما لأنه كان الابن البارّ لشعوب شرقي المتوسط، عرباً وكرداً وتركاً، ومسلمين ومسيحيين، استطاع بحكمته قيادة هذه الشعوب في واحدة من أخطر المراحل التاريخية، دون تعصبٍ لقومية، ولا تحيّز لدين، فرسّخ بذلك حقيقة التعايش بين مكوّنات البيت الكبير، لوعيه إلى أن قوة الشعوب تكمن في تآلفها وتكاملها ووحدتها.
واليوم نحن نٌذكر ببطلنا صلاح الدين، وبمعاناة صلاح الدين، وبجهاد صلاح الدين، لكي ننفذ إلى حماية أثر مهم من أوابد دمشق الأيوبية، إنه ضريحه الذي يذكرنا بماض أمتنا المجيد، والذي مازالت الأيدي العابثة تحاول المساس بحرمه، متجاوزة الضوابط المسموحة.

 في مقامنا هذا نحن أبناء سورية لانتصدى للتحضر والحداثة، وإنما نتصدى لرؤوس أموال قد تكون صهيونية، تحاول الاستثمار في قلب دمشق الأسد، في حرم الجامع الأموي، فوق معلم أثري مهم من معالم الحضارة الإنسانية، هولايخص صلاح الدين ودمشق فقط، بل يخص ذكرى شهداء الأمة عبر العصور، أولئك الذين قضوا مدافعين عن أوطاننا لكي يصلوا بنا إلى الحرية التي نعيشها اليوم .
وعليه يتوجب على أولي الأمر التتحقق من مصادر رؤوس أموال الاستثمار الأجنبية التي تعيث في تراثنا فساداُ، محمية من قبل أيد فاسدة تدعمها على تحقيق مآربها، وكما هو معروف تجلب الاستثمارات الأجنبية التحضر، إلا أنها تفرض التبعية والسيطرة الخارجية في مجالات أخرى.
   المصــادر
1- ألبير شاندور: صلاح الدين الأيوبي البطل الأنقى في الإسلام، ترجمة سعيد أبو الحسن، دار طلاس، دمشق، 1988م.
2- ابن الأثير: التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية بالموصل، تحقيق عبد القادر أحمد طليمات، دار الكتب الحديثة، بغداد.
3- أحمد بن إبراهيم الحنبلي: شفاء القلوب في مناقب بني أيوب، مكتبة الثقافة الدينية، مصر، 1996 م.
4- بهاء الدين بن شدّاد: النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، ط 1، 1964 م.
5- ابن جبير: رحلة ابن جبير، دار صادر، دار بيروت، بيروت، 1964 م.
6- جنفياف شوفيل: صلاح الدين بطل الإسلام، ترجمة جورج أبي صالح، دار الأميرة، بيروت، 1992 م.
7- ابن خلّكان: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق الدكتور إحسان عبّاس، دار الثقافة، بيروت، 1968 م.
8- ستانلي لين بول: صلاح الدين وسقوط مملكة القدس، ترجمة فاروق سعد أبو جابر، وكالة الأهرام، القاهرة، 1995 م.
9- الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور، الحركة الصليبية، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1982 م.
10- أبو شامة: عيون الروضتين في أخبار الدولتين، تحقيق أحمد البيسومي، وزارة الثقافة، دمشق، 1991 م.
11- الفتح بن علي البنداري: سنا البرق الشامي، تحقيق فتحية النبراوي، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1979 م.
12- فوشيه الشارتري: الوجود الصليبي في الشرق العربي، ترجمة الدكتور قاسم عبده قاسم، منشورات ذات السلاسل، الكويت، ط 1، 1993 م.
13- المرتضى الزبيدي: ترويح القلوب في مناقب بني أيوب، تحقيق الدكتور صلاح الدين المنجّد، دمشق، 1969.


14- المقريزي: الخطط، تحقيق الدكتور محمد زينهم، مديحة الشرقاوي، مكتبة مدبولي، 1998.










الثلاثاء، 28 يونيو 2011

منشآت معمارية لها تاريخ

بناء العابد:
من أضخم وأشهر الأبنية الأثرية التي تشهد على عبقرية فرناندو دي أراندا، مطل على ساحة المرجة، وهو من أوائل الأبنية الحديثة في دمشق (1906م)، ذو نمط ألماني، وتصميم إسباني، يتألف من أربعة طوابق، أنشئ على مرحلتين. ويقوم على أساسات من أوتاد خشبية بطول 2.5م، وجدرانه من الآجر المكسو بالحجر، وللمبنى مدخلان رئيسان وخمسة مداخل ثانوية، ويحيط المبنى بساحة سماوية لها مدخلين، يدخل منها إلى الطابق الأول بأدراج رئيسة، وحولها مخازن. ويحوي الطابق الأول قاعة مركزية ذات قبة وهي محاطة بغرف. ويعلو المبنى في قمته فتحة تهوية تحوي اثنى عشرة ضلعاً، وغطي السطح الجملوني بالقرميد؛ جعله الأتراك نزلاً للعساكر أثناء الحرب العالمية الأولى، ويعد هذا البناء اليوم شاهدًا ومؤرخًا لحوادث دمشق اليومية.

محطة القنوات لوقوعها في حي القنوات( الحجاز) تم الشروع في بنائه عام 1907
أعدت محطة الحجاز لاستقبال ركاب قطارات الخط الحديدي الحجازي، وفيما بعد أصبح مبنى المحطة ذو الشكل المعماري الجميل يشكل معلماً مهماً من معالمِ دمشق، تميز المبنى بواجهته الرائعة، وبموقعه الذي يتيح لزائر دمشق مشاهدته من أماكن عدة، رافق هذا الموقع الإستراتيجي، تميز البناء كدرة معمارية فريدة لما فيه من الزخارف المعمارية والأرابيسك لينضم إلى المباني الدمشقية التاريخية القليلة، التي احتوت طرزاً معمارية مختلفة، كالطراز الشرقي الإسلامي بخطوطه الهندسية والطراز الأوروبي المعروف بـ(الروكوكو)، ما جعل بناء المحطة محطاً للزوار والسياح.

ونظراً لأهميته اعتمد في وسائل الإعلام الغربي، كمعلم مهم من معالم سيدة التراث العالمي دمشق.
ومن الأمثلة التي مازالت تذكر ببراعة دي أراندا بناء مبنى لجنة مياه عين الفيجة، مبنى فندق الشرق( أورينت بلاس سابقاً) مبنى فندق أمية، كذلك أسهم دي أراندا في تصميم أبنية كثيرة في جادة الرئيس، وعمل كمصمم ومشرف ومعمار لبيوتات أسر دمشقية عريقة.

المهندس فرناندو دي أراندا

شهدت معظم الولايات العثمانية أواخر القرن التاسع عشر نهوضاً شاملاً نتيجة محاولة الدولة العثمانية اللحاق بركاب الحضارة الأوروبية وعليه استقطبت أقطاب العلوم بأنواعها المختلفة للعمل على ذلك التطوير من خلال الإستثمارات الأجنبية في أراضيها، وكان للمساعي الألمانية النصيب الأوفر من تلك الإستثمارات حيث استطاعت أن تستحوز على مشاريع مهمة، كان أهمها على الإطلاق الخط الحديدي الحجازي الذي يصل اسطنبول بالمدينة المنورة مباشرة، وعليه طرحت العروض، وتنوعت الجنسيات، إلا أن تفوق العنصر الألماني كان جلياً، حيث اختير المهندس الألماني مايسنر للإشراف على إنشاء الخطوط الحديدية في الدولة العثمانية، وكان اختياره للمهندس الإسباني موفقاً لبناء محطة القنوات ( الحجاز حالياً) كمحطة رئيسة للخط الحجازي، التي تعد قمة في الإبداع الجمالي المعماري.

فرناندو دي أراندا: ولد فرناندو دي أراندا في مدريد في 31 من كانون الأول عام 1878م، ولم توفيت أمه بعد ولادته بوقت قصير. ليرافق والده المولع بالموسيقا إلى باريس، درس الهندسة في السوربون، ليغادرها بعد تخرجه  بما يحمله من علم وثقافة في فن التصميم والهندسة إلى إسطنبول. لينتقل فيما بعد إلى دمشق التي عشقها مذ أن حط رحاله فيها عام 1902م؛ والتي باتت محبوبته، يشده الحنين إليها وهو بين جنباتها،  تعرف على زوجته الأولى اليونانية الأصل خلال إقامته في فندق فكتوريا(سميراميس حالياً)، زنوبيا سيريكاكيس،  التي كانت تعيش بين دمشق وبيروت، ثم انفصل عنها بعد أن أنجب منها ولدين. استطاب العيش بدمشق، فسعى ليتقلد منصبًا دبلوماسياً فيها، فعين نائباً للقنصل الفخري الإسباني في دمشق بين عامي 1912م- 1936م، وتعرف على زوجته الثانية صبرية حلمي التي تصغره بعشرين عاماً، خلال عمله في تشييد بيتاً لعائلة حلمي -وهي عائله دمشقية تركية الأصل - ، فتزوجها بعد أن اعتنق الدين الإسلامي ليصبح (محمد أراندا)، ورحل معها إلى حيفا للعمل، ليعود إلى دمشق ويقطن فيها إلى أن وافته المنية في مشفى الطلياني بدمشق في شهر كانون الأول عام 1969م، حيث صلى أهل دمشق على فرناندو في جامع المرابط ثم دفن في المقبرة الإسلامية بباب الصغير، بعد معاناة مع المرض، عن عمر يناهز التسعين.
أسهمت عبقرية هذا الفنان في تطوير فن الهندسة المعمارية وتخطيط المدينة الدمشقية الحديثة في النصف الأول من القرن العشرين, وما تزال ذكراه جاثمة في مدينة دمشق من خلال نتاجه المعماري المتميز، بمزجه بين عناصر فن العمارة الإسلامية؛ مثل ألواح القيشاني وتشكيلات النوافذ، والزخارف الخشبية الداخلية؛ وملامح فن المعمارة الكلاسيكية الأوروبية، ولا سيما الطراز الإسباني والألماني. ليسهم في تكوين مدينة دمشق المعماري، من خلال ماتركه من أثر مادي تمثل في مخططات عمرانية وأبنية رائعة.


الفنان تيسير السعدي

في الرابعة من عمره بدأ رحلته الفنية تيسير السعدي ابن حي القيمرية1917 ذلك الدمشقي العتيق، مراقباً لآل حبيب، في خيمتهم التي كانت تقدم فن الكركوز، من شفاه الأخوة الثلاث أبو خالد وأبو عادل وأبو صياح حبيب، التقط الطفل فن الكلام الذي حفظه بقلبه وفكره ليحفظه من الإندثار فيما بعد كوثيقة لزمن بات ماض منسي. يقول السعدي "اتجهت نحو الفن معجباً بعروض خيال الظل والدمى المتحركة التي كانت تقوم على حوارات كوميدية بسيطة"

واكب السعدي الحركة الفنية السورية في فترة النشوء وتطور مع تطورها بداية من الحكواتية الممارسون لفن القراءة المسرحية، تلك القراءة التي سحرت السامعين لها حينها، ووصعوداً إلى بدأ الحركة الفنية الغنائية.
 وفي إحدى المسارح في حي السروجية، تياترو القوتلي كانت أصوات المطربين تشد انتباه الطفل ابن الرابعة ليطرب بسماع الشيخ سلامة حجازي وهو يغني بصوته ذو المطة الطويلة في حالة الطرب.

درس في الكتاب والتحق بالمدرسة الأمينية، إلا أن طموحاته الفنية كانت تشده للهرب من المدرسة ودخول سينما النصر في سوق الخيل القريبة من منطقة -البحصة اليوم- لمتابعة أفلام السينما الصامتة، وهكذا كانت السينما ملهمته مع أنها صامتة، فمنها تعلم حبكة الكوميديا الفنية، ومن اللافت أن دار السينما كانت تقدم معزوفة على آلة الكلارينت قبل العرض، وتقدم النراجيل لروادها أثناء العرض.
أنهى تيسير السعدي دراسته الإبتدائية ليواصل تحصيله العلمي في معهد الحرية اللاييك، ومن هنا كانت إنطلاقته الفنية وذلك عندما اختير للقيام بدور طفل، وكان الحوار باللغة الفرنسية فحفظ دوره وأجاد في تأديته على المسرح.

إلا أن طموحاته توقفت مع توقف الدراسة في فصل الصيف، فاتجه إلى العمل في الأعمال التجارية كسائر أقرانه، وهكذا عمل كبائع أقمشة في الحريقة، وهناك إلتقى بالفنان عبد السلام أبو الشامات، لينضم إليه لاحقاً للعمل في المجال الفني ومع الفنان أنور المرابط  شكل ثنائياً عمل في حفلات الكتاب والتلبيسة.
كانت العادة المتبعة عند الظهور على خشبة المسرح وضع طلاء أسود على الوجه؛ وانطلاقاً من هذه البدائية انطلق الثلاثة لشكلوا فيما بعد الفرقة المسرحية السورية التي ضمت كل من ؛ تيسير السعدي، أنور البابا عبد السلام أبو الشامات زهير الشوا ياسين وعبد الهادي الدركزلي المحامي الكاتب، وكانت الإنطلاقة من البحصة، إلا أن المسيرة الفنية بدأت من مسرح العباسية إلى مسرح الهبرا في باب توما إلى مسرح سينما أمبير. عمل عبد الهادي على كتابة النصوص المسرحية، واستعملت اللهجة الشامية المحلية المحكية، وبعد افتتاح الإذاعة قدمت التمثيليات بأصوات عدة منها صوت البابا أم كامل وأبو فهمي فهد كعيكاتي.

قرر الفنان احتراف هذه الهواية اتجه في مطلع أربعينيات القرن الماضي إلى مصر ليدرس التمثيل في المعهد العربي في القاهرة فتعرف هناك على نخبة من رجال الفن والفكر أمثال إحسان عبد القدوس ويوسف وهبة وجورج أبيض ونجيب الريحاني الذي عمل معه في مجال المسرح في دار الأوبرا المصرية وهي أعرق المسارح في الوطن العربي وكان من الأساتذة الكبار في المعهد المفكر طه حسين وأستاذ الرقص علي رضا صاحب فرقة رضا.
وبعد عودته إلى وطنه عمل السعدي على مواضيع خص الحوار فيها مشاكل تلك الفترة، وهنا بدأ السعدي مسيرته في الإخراج، وفي هذه الفترة ظهر الممثل حكمت محسن، ذلك العبقري البسيط الذي استطاع الغوص في أعماق الحياة الشعبية، والخروج عن المألوف بقصص من صميم الواقع.

تزوج السعدي عام 1954م لتنضم إليه زوجه صبا  المحمودي ليظهر لهما عمل مشترك هو صابروصبرية الذي بات حديث المجتمع في تلك الحقبة. بعد أن بث منه حوالي 3000 حلقة؛ ولم يقتصر عمل السعدي في الإذاعة على "صابر وصبرية" بل قدم مئات التمثيليات الإذاعية أخرجها الراحل حكمت محسن وجعلت من تيسير السعدي من الأصوات الإذاعية المسموعة عبر الأثير لدى الجمهور المحلي كل يوم.

عمل السعدي في إذاعة الشرق الأدنى التي تبث برامجها من قبرص، ليعود إلى دمشق وبالاتفاق  مع مدير الإذاعة أحمد العسة،  ود. صباح القباني والصحافي سعيد الجزائري قرر إنشاء فرقة تمثيل خاصة بالإذاعة، قدمت أكثر من ألف نص تمثيلي باللغة العامية استقطبت ملايين المستمعين.
ومن الحوادث المهمة في تاريخ الفنان توقفه وزملاؤه توقفهم عن العمل مع إذاعة الشرق الأدنى (بي بي سي) البريطانية إثر العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، رافضين الاستمرار في العمل .

في الستينيات دخل السعدي المجال المرئي من خلال ثلاثين عملاً قدمها للتلفزيون السوري. منها مشاركته في مسلسل صح النوم، والدنيا مضحك مبكي؛ وزواج على الطريقة المحلية، وتجارب عائلية ليكون آخر أعماله أيام شاميةعام 1992م.
السعدي مازال موجوداً معنا اليوم يقصص على زواره حكايات الزمن الجميل بما فيها من عفوية وتلقائية تمرس هو فيهما لكونه ابن ذلك الزمن الجميل


عدنان العجلاني 1923-1996


مشيت بخطوات متسارعة، في شارع أبو رمانة دمشق، لأصل في الوقت المحدد للقاء لي مع الأميرة بديعة الحسني الجزائري، دخلت ذلك البيت الدمشقي الأنيق المتواضع، انتظرت بضعة لحظات لتطل علي  زهرة من زهرات دمشق ممن تركن زخماً أدبياً له عبقه المميز، بدأت كعادتي بالسؤال عن سني العمر الغابرة، وبدأت الأميرة بسرد فيض من الذكريات الجميلة، سألتها عن صاحب الصورة المقابلة لي فعلمت بأنه زوجها الراحل، انتهت الزيارة وعدت أحمل بعضاً من مؤلفاتها كهدية، كان القصد من الزيارة كتابة السيرة الذاتية لحفيدة الأمير الجزائري إلا أنني بعد أن بدأت بالإطلاع على كتابها قطوف باسقة وجدت نفسي أتابع بشغف سيرة زوجها المرحوم عدنان العجلاني.

ينتسب الفقيد إلى أسرة اشتهرت بالفضل حمل ثمانية من أفرادها نقابة الأشراف، وقلد ثلاثة منها الإفتاء، ولم تخرج منها مشيخة الحرف، سكن الأجداد في الميدان في الزاوية الرفاعية حيث ينتهي النسب إلى القطب الجليل أحمد الرفاعي، وهنا لا عجب أن يكون المترجم له على هذا القدر من الوقار، لانحداره من أسرة عرف عنها الفضل حيث يعود بنسبه إلى جده لأبيه الشيخ عبد اللطيف العجلاني، نقيب أشراف زمانه، وهكذا ولد عدنان في دار جده في زقاق سيد عامود منطقة الشاغور عام 1923، وفجأة ومع دوي المدافع، وقصف الطائرات الفرنسية للمدينة، هرع الجميع بحمل أطفاله للهرب من وابل الموت للنجاة بالأرواح .

توفي والده وهو مايزال غضاً، فرعته أمه السيدة مسرة أخت العالم الشيخ أديب متولي، فكبر على الخلق الحسن نشأ عصامياً، انتسب إلى الكلية الحربية بعد نيله الثانوية ليتخرج منها بتفوق عام 1948، لينخرط في الحياة العسكرية ضمن حامية دمشق، ولكن حسه الوطني دفعه إلى طلب التواجد في الخطوط الأولى وكان له ماأراد فتم فرزه في 18 أيار من نفس العام ليكون برفقة سليم القنواتي شهيد مستعمرة نجمة الصبح الصهيونية، حيث حمل صديقه بالرغم من إصابته شهيداً إلى منطقة الصنمين،  ليعود إلى الجبهة فور تضميد جراحه، ليشارك في الهجوم على مستعمرة الدردارة، وفي تحرير مستعمرة مشمار هايدن تحت إمرة العقيد عدنان المالكي، ونظراً لشجاعته رفع إلى رتبة ملازم أول ، فشارك في ميادين القتال أينما تواجدت فرقته، شارك في الهجوم على تل العزيزيات واحتله، وقاد معركة قرب سمخ جنوب طبريا، فاستحق مع زملائه وسام البطولة، وأثناء عبوره منطقة مخاضة أصيب إصابات بالغة جراء قصف جوي عنيف، حمل آثارها طيلة حياته، وفيما بعد قارع الاستعمار الفرنسي مما أدى به إلى سجن المزة مع ثلة من زملائه، و بعد الاستقلال منح أوسمة عديدة  تقديراً لوطنيته وشجاعته.

جمع عدنان شمائل كثيرة، فهو لم يكن وطنياً ومحارباً جسوراً فحسب بل كان زوجاً محباً و أباً عطوفاً، ومواطناً صالحاً أحب وطنه، وبذل الغالي في سبيل رفعة شأنه، وذلك من خلال خدمات ٍقدمها أثناء تواجده ضمن الملاك الحكومي، تشهد على ذلك خدمات جليلة قدمها لمواطني الجهات البعيدة التي انتدب إليها، والتي حفظتها له أجيال تلك المناطق بثناء مشهود لسنين، أحيل إلى التقاعد عام   1963نظراً لمواقفه الفكرية.

 إضافةً لما تقدم كان للمترجم له مسيرة أدبية، كشفتها أوراقه الخاصة التي حملت في ثناياها بعضاً من أدبياته وسماته الإنسانية المتميزة، و بالعودة إلى بعض تلك الأوراق، يطل عدنان العجلاني في وجه آخر وجه الأديب المتمرس،  كثرت رسائله و خواطره  التي انبعثت من حبه لوطنه و أسرته و رفقاء دربه و إلى كل من حوله، وضح ذلك من خلال يومياته التي بدأها في 14 شباط عام 1941، بدأها بمأساته ومعاناته بفقده والده فكتب ـ"مات أبي" وفيما بعد تتالت كتاباته، فكان منه قطعة نثرية أخرى أهداها إلى والدته تعبيراً عن حبه فقال:
هي بسمة الصباح للروض الباكي
هي هزة النسيم للجسم الرطيب
هي نغمة الحياة في الجسم الهزيل
في 15 آذار عام 1942ضَمَنَ أوراقه سجل أحزانه ، و هذا ما نراه تحت عنوان "أين أخي"
أين أخي... أنت في قلبي حيث ذهبت و حيث حللت
اغبر وجه الزمان.. واسود ضياء الشمس.. وحال بيني وبين السرور حاجز
إني سأبكيك ما شاء لي أن أبكي.

احتل إيمانه القوي  وشفافيته جزءاً كبيراً من تأملاته الفكرية، فمزج الرؤية الدينية بالتأمل العقلي و المناجاة الإلهية و تجلى ذلك في أول صفحة من يومياته في مدونته "إلى خير من يرحم"، و هكذا اتخذ من القلم الصديق الوفي ليركن إليه أيام المحن فوجد فيه متنفساً و راحة ليخلد أجمل أحاسيسه الوجدانية، بموضوعية فلسفية، يتجلى ذلك عندما يقول:
أنا حين أنظم الشعر
أحيا حياة لا أتم و لا أكمل لأنني أحيا بإدراك أوسع حين أعرف طعم الإعراب عن النفس، ليس من الضروري أتن يكون شعري عظيماً أو خالداً و حسبي أنه يخفف من دموعي و يخلد و لو في صورة غامضة لوناً من ألوان أحلامي و أيامي.

 تعددت كتاباته بين "نجوى و"رثاء لصديق" و "أحلام وردية"و "البرعم الحي"، وتعددت موضوعات أشعاره بين الغزل العذري، والشعر الفلسفي والشعر الوطني، فكتب قصيدة خيال بلادي، وتحدث في قصيدة وطني عن مأساة وطنه الجريح، ووصف في قصيدة" الاحتلال" فرحته برحيل المستعمر حيث قال:
رحلت فرنسا فالجحيم مقرها       فلقد دعاها للهزيمة موعد
  كثرت قصائده الشعرية فكان منها " مناجاة الحسون" " اللقاء الأخير" " انتحار قلب" " الأيام الخوالي" " أنا والزمن" " شكوى" " عتاب" الزورق الحيران" الشعور الغامض"صدود" دمعة" القدر المحتوم" وتفردت قصيدته الموجة العذراء بإيقاع موسيقي ومضامين رمزية عن غيرها من القصائد، وغيرها كثير، ومن خلال متابعة نتاجه الأدبي يرى أنه لم يسع ليكون شاعراً فقط بل عبرت كتاباته عن فلسفة إنسانية عميقة.

له مجموعة قصصية مثيرة بدأ بكتابتها عام 1950 منها "الشقيقان" الخطأ" البكالوريا،"الجرح" الصياد" الهاربة"سفسطة لغائية.

أخذتني قراءة سيرته الذاتية إلى مابعد منتصف الليل، فقرأت بعضاً أشعاره وبضعاً من قصصه التي تميزت بلغة عربية غاية في التماسك وبعد قراءتي لقصة الجرح، وكانت الساعة تقترب من الثانية صباحاً، أطفأت الأنوار لأخلد إلى النوم، وفجأة لمحت ظل ذلك الشيخ الأنيق بطل القصة يقف في الردهة المجاورة ينظر إلي فقلت بسم الله الرحمن الرحيم ، وقفزت لأنير الغرفة، وبقيت بقية الليلة شبه مستيقظة، أنتظر عودة الشبح وحبيبته بطلا القصة من جديد،  أنا لم أعرف المرحوم عدنان العجلاني يوماً، ولكني تمنيت لو استمتعت بمجالسته ولو لدقائق، قبل أن يغيبه المرض العضال وينهي رحلة حياة رجل من رجالات دمشق التي قال فيها :
 بها الأحبة كالأسماك قد عاشوا                      وتفرقوا في غورها أسرابا
إن عاشت الأسماك خارج مائها                      فمن الممكن أن نطيق عنها اغترابا

توفي العميد عدنان العجلاني في السادس من أيار عام 1996، لينضم إلى من سبقه من  رعيل الشهداء الأول شهداء السادس من أيار عام 1916، حاملاً أوسمته على جسده وهي آثار لجروح عميقة خطها طلبه للشهادة.
 دفن عدنان العجلاني في مقبرة الباب الصغير في دمشق، الفارس الذي حمل صفات الفرسان، وتحلى بشجاعتهم ونبل أخلاقهم، وكرمهم، رحمه الله فقد كان خير مثال للبطولة والمروءة والكفاح، هو واحد من كثير ممن أنجبتهم دمشق لتَخلِد بهم ويَخلِدوا بها.

الفنانة التشكيلية رولى القوتلي


وعبر العصور مازالت بلاد الشام تقدم مواطنين أكفاء، أحبوا موطنهم ، وتمسكوا بحقوقه عليهم، فأدوا ماتوجب عليهم من واجبات؛ وهكذا عرف تاريخ سوريا خلال حقب زمنية متعاقبة أبناءاً لها ممن تركوا بصمة تدل على أنهم كانوا فيها في فترات مختلفة، فمنهم من سطر بصمته بدمه، ومنهم بقلمه، ومنهم بضربة معوله، ومنهم بريشته.
عادة تعود القراء أن يتعرفوا على شخصيات قد غادرتنا، من خلال سيرها الذاتية  إلا أننا اليوم نكتب عن شخصية دمشقية، هي من أحفاد الرعيل الدمشقي الأول، إنها الفنانه التشكيليه رولى القوتلي.

 تنتسب الفنانة إلى إحدى الأسر الدمشقية العريقة، ترك أفراد عدة منها أرث مازالت ذكراه في خواطرنا حتى اليوم، أبصرت شخصيتنا النور في دمشق، في حي العفيف حيث امتزج الفكر القديم بالحداثة، ترعرت بين جنبات دمشق في أسرة دمشقية معروفة، اغترفت حبها للعلوم من والدها الدكتور محمد نبيل القوتلي، بينما أخذت حبها  للألوان والفن من والدتها الفنانة  المبدعة هالة المهايني الأستاذة المحاضرة في كلية الفنون الجميلة.

 أحبت الرسم في سن مبكرة،  وبتـشجيع من والديها بدأت مشوارها الفني من مركز أدهم إسماعيل حيث تتلمذت على يد أستاذها ألفرد حتمال؛ الذي اكتشف الموهبة فيها فأخذ بيدها مشجعاً،  وعندما قاربت الرابعـه عشر عامـا ً أكدت رولى بأن مستقبلها لن يكون منفصلا ً عن موهبتها وولعها بالرسم.
بدأت مسيـرتها بـشكل مدروس باستخدام اللونين الاسود والأبيض، ثمّ مالبثت أن بدأت بالتركيزِ على الضوء والظل وتظليل المساحات الضوئيّه وأبعادها, لتنتقل للتواصل مع الفراغ باستخدام الألوان الحارة؛ فأغنت الفكرة باستخدام تلك الألوان للوصول إلى التطور في مفاهيمها اللونية، معتمدة على صياغة لونية جديدة خلقت منها عالم متناغم على درجة عالية من السحر والإبداع، حيث وجدت قدرتها على التعبير عن ما يدور خلف جدران بيوتات دمشق القديمة؛ من خلال مشاركتها في أعمال ترميم في حي القيمرية في دمشق القديمة، وهنا نشأت علاقتها الحميمة مع مفردات البيت الدمشقي، فالحنين للتراث امتزج مع كل ذرة شكلت بمجملها ألق البيت العربي، ليظهر ذلك جلياً بأعمال قدمتها وهي بعيدة عن وطنها الأم سوريا، مما أعطى نتاجها لتلك الفترة تميزاً تميزت به عن أقرانها.

 تواريخ مهمه في حياة رولى القوتلي
1973م ولدت الفنانة في دمشق
 تخرجت من مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية بدمشق.
• 1995 تخرجت من كلية الفنون الجميلة بدمشق قسم التصميم الداخلي.
• 1997 تخرجت من المعهد العالي للموسيقا – كعازفة على آلة أساسية - بيانو.
• 1998 شاركت رولى القوتلي في ورشة عمل رسم في غرناطة- اسبانيا.
1999-2001 التحقت بكلية هيرون للفنون –انديانا- الولايات المتحدة الأميركية، حيث تلقت محاضرات في الدراسات العليا في فنون رسم قصص الأطفال، وهنا تفوقت بين أقرانها، ببساطة ما قدمته من رسوم اتجهت بها إلى الواقعية.
2002 التحقت بدورة تدريبية لتعلم الرسم على الزجاج المعشق- ميسوري- الولايات المتحدة الأميركية.
 العضوية
عضو في نقابة الفنون الجميلة بدمشق.
عضو جمعية رسامين ومؤلفين كتب الأطفال، في الولايات المتحدة الأميؤكية.
 المعارض
• 1998 المعرض الفردي الأول- مركز الدراسات الفرنسية – دمشق
1996- 1999- 2004 معرض دمشق السنوي.
1999-2000- 2004- 2005 مشاركة في معاض جماعية في الولايات المتحدة الأميركية.
2008 معرض مشترك بمتاسبة يوم المرأة بمنزل السفير الكندي بدمشق.
2008 معرض الشباب في خان أسعد باشا بدمشق.
2011 معرض للفنانة رولى في المركز الثقافي العربي أبو رمانة بعنوان الضوء يملأ المكان