الجمعة، 24 يونيو 2011

عيد أعياد دمشق


عيد الجلاء .. عيد أعياد "دمشق"



"الاستعراض العسكري" أبرز ملامح الاحتفال بذكرى الاستقلال..

عندما نتحدث عن تاريخ "سورية" المعاصر، يطالعنا أهم فجر طلع عليها، فجر يوم "الاستقلال" الذي يؤرخ لخروج المستعمر من "سورية"، ليكون  يوم 17 نيسان من كل عام عيد أعياد سورية.

تستنشق سورية في 17 نيسان نسيم الحرية من خلال ذكرى من قدموا أرواحهم لإجلاء المستعمر عن أراضيها ونيل الاستقلال وتحقيق الحرية.

في 17 نيسان ترتدي سورية حلتها البيضاء فرحاً بجلاء آخر جندي للإستعمار الفرنسي، وتعبر بالاحتفال، وعليه كان لابد لـ"eSyria" من المشاركة في هذه المناسبة الوطنية من خلال العودة إلى الماضي ورصد مظاهر الاحتفال بهذا العرس الوطني في دمشق وبخاصة في الفترة التي تلت الاستقلال، عبر لقاء من عاصر يوم الجلاء وشارك بفرحه، بدءأ بلقاء ثلة ممن شاركوا في مقارعة المستعمرين؛ كان لنا لقاء مع المجاهد "عمر أرناؤوط" /91/ عاماً، الذي استهل لقاءنا بالقول:

«من إن تخلصت "سورية" من آخر جندي داس على ترابها، حتى تحول يوم "17/4/1946" إلى عيد، وأي عيد أغلى على سورية من "عيد الاستقلال"، فكنت تجد أن جميع شرائح المجتمع تحتفل، وليس هذا فقط فقد كنا نجد أن وفوداً عربية كانت تشاركنا هذه الفرحة العظيمة».

اللواء المتقاعد "محمد صياح آقبيق" تحدث عن بعض مظاهر الاحتفال بعيد الاستقلال في "دمشق" ليقول: «لعل "العرض العسكري" أحد أبرز أشكال الاحتفال بيوم الجلاء وبخاصة في السنوات الأولى بعد الاستقلال، ولكنه لم يكن الشكل الوحيد للاحتفال، فكنت تجد أن عروضاً رياضية وأهلية ترافقه، فتجد الأهالي تتبادل الزيارات حيث تفتح البيوت لاستقبال المهنئين. وقد حظيت بشرف المشاركة بااحتفالات عيد الاستقلال بعد الاستقلال بعامين أو ثلاثة من خلال العرض الرياضي الخاص بالمدارس الابتدائية والإعدادية الذي كان يقام على أرض الملعب البلدي –مكان قصر البنلاء حالياً-، وأتذكر أننا تدربنا لمدة شهر كامل للتحضير لهذا العرض الرياضي، بحضورعدد من الأهالي ومدراء المدارس».

وعن استعراض العسكري تحدث"آقبيق": بقوله «بدأ أول استعراض في الذكرى الأولى للجلاء، وكان يقام في شارع "بيروت القديم" أو ما يسمى "شارع شكري القوتلي"(*)، بوجود مشاركة سرايا كل فرق الجيش والشرطة وفرق الكشافة بالإضافة إلى انضمام بعض السرايا من جيوش عربية مجاورة مثل لبنان التي كانت تشارك سورية فرحتها بهذا العيد، وهنا لابد من الإشارة إلى أن كل سرية يتقدمها مندوب عنها يحمل علم –شعار- الفوج أو الكتيبة للدالة عليها بحرية أو برية أو غيرها".

وهنا يجب أن أنوه إلى أن أول علم سوري رفع خلال استعراض العسكري في الذكرى الأولى للجلاء كان من قبل الملازم الثاني "عدنان المالكي"، بعد أن وقع الاختيار عليه نظراً لمسيرته الوطنية في النضال ضد الاستعمار بدءاً من فلسطين وانتهاءاً على أرض وطنه الأم سورية ضد القوات الفرنسية خلال فترة الاحتلال، وعليه اختير لرفع العلم، امتناناً وعرفاناً بما بذله من تضحيات؛ ليفتتح العرض العسكري ؛ بمرورعدد من الفتيان والفتيات الصغيرات يحملن بأيدهم باقات الورود».

أما عن منصة الشرف ؛ فكان لابد للاستعراض من وجود منصة شرفية يجلس عليها راعي الحفل وكبار الضيوف، وكانت تلك المنصة خشبية –ذات ثلاثة درجات- توضع خصيصاً لاستعراض يوم الجلاء، ويفيد المجاهد "عمر ارناؤوط" عن مكان المنصة بالقول: «كانت تلك المنصة الشرفية على الرصيف الشمالي لشارع "شكري القوتلي" الذي كان يحتضن الاستعراض عند "طلعة الخنازير"–مكان فندق الديديمان حالياً-، وكانت المنصة مؤلفة من ثلاث درجات؛ خصصت الأولى لكبار الضيوف؛ ويذكر أن السرايا المشاركة في الاستعراض كانت تتجمع عند مفرق الربوة – بداية حديقة تشرين من طرف الربوة-، وتتجه شرقاً، وعند وصول وحدات السرايا إلى المنصة والعلم المرفوع هناك؛ تقدم التحية إلى راعي الحفل، وكان أول راعي للاستعراض هو الرئيس "شكري القوتلي"».

كذلك تحدثت السيدة "فريال خزنةكاتبي" عضو "جمعية حماية الأسرة" عن بعض المظاهر المرافقة للإستعراض العسكري من الأهالي بقولها: «كانت حشود المواطنين تذهب مباشرة يوم الإحتفال  لمشاهدة الاحتفال، فكان البعض يقفون على الرصيف يمين وشمال المنصة الخشبية. في حين كانت بعض العائلات تتوجه يوم "الاستعراض العسكري" إلى "فندق قطان" الملاصق لـ"سينما دمشق" –المجاورة لفندق سميرا ميس-؛ حيث يتم حجز الشرف المطلة على شارع "القوتلي" لمشاهدة العرض العسكري؛ بنصف ليرة سورية للفرد.

 ليبدأ  العرض في العاشرة صباحاً بمرور مجموعة من طلاب المدارس يحملون أكاليل الزهور تعبيراً عن الفرح يتبعه أفراد الكشافة يحملون الأعلام بملابسهم الجميلة يتقدمهم عازفوا الطبول، ثم تبدأ السرايا الخاصة بالكتائب وفرق الجيش بمرور تباعاً بمشهد جميل مؤثر يبعث الشعور بالإعتزاز والفخر بالوطن، كذلك ضم الاستعراض عدد من الدبابات التي تحمل بعض أسماء شهداء الوطن.

وبدايةً كان لابد للمحتفلين والضباط وكبار الشخصيات السياسية من وضع أكاليل الزهور عند ضريج الجندي المجهول؛ الموجود حينها عام /1947/ عند الحديقة مقابل مدرسة "جودت الهاشمي".  

 كذلك كانت الحوامات العسكرية تشارك أهالي دمشق فرحتها بعيد الجلاء عبر إلقاء قصاصات ورقية ملونة مكتوب عليها عبارات تعبر عن حب الوطن وفرحة عيد الجلاء».

 السيد "إبراهيم آقبيق" من سكان "حي القنوات" تحدث عن مكانة عيد الجلاء عند الدمشقيين وبخاصة عن رجال "الكتلة الوطنية" بقوله: « قدمت سورية في سبيل الاستقلال والحرية عدد كبير من الشهداء، لذا عد يوم الجلاء عيداً للاستقلال ومما أذكر أن بيت الزعيم الوطني "فخري البارودي" كان يفتح ويقام فيه حفل يضم كل أطياف المشهد السياسي والاجتماعي في دمشق وريفها. ليقول: كان الرجال يرتدون في يوم الجلاء طقم خاص لونه أبيض مع قميص خاص له ياقة وأكمام "منشات" تلبس لمرة واحدة فقط، مع حذاء أبيض».



(*): هو الطريق الواصل بين ساحة المرجة ساحة الأمويين، وكان يمتد عام /1950/ إلى طريق الربوة بدون الساحة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق