الاثنين، 12 ديسمبر 2011

الدكتورة نجاح العطار

ولدت الدكتورة نجاح العطار في مدينة دمشق عام 1933 ؛ تلقت تعليمها الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس دمشق حصلت على الشهادة الثانوية عام 1950 انتسبت إلى كلية الآداب وتخرجت عام 1954 حصلت على دبلوم التربية عام 1955؛ وعلى دبلوم الدراسات الإسلامية 1956من جامعة دمشق؛ سافرت لبريطانيا لمتابعة تحصيلها العلمي فحصلت على الدكتوراة بدرجة شرف عام 1958 من جامعة أدنبرة؛ كما حصلت على شهادات في العلاقات الدولية والنقد الأدبي والنقد الفني أصدرت عدداً من الكتب في الأدب والنقد.
وهي شقيقة عصام العطار المرشد العام السابق للإخوان المسلمين بسورية.
نجاح العطار من أوائل فتيات دمشق اللواتي كشفن عن وجوههن مكتفيات بمنديل يغطي الرأس، هي واحدة من قلة خرجن  إلى الحياة العامة ليمارسن مسؤوليات كانت حكراً على الرجال، وقد احترم والدها المتنور الذي كان من أوائل الحائزين على شهادة الحقوق من استانبول عام 1905إرادتها، وحرص فيما بعد على تنشئة أبنائه على حب العلم  والانفتاح، دون تمييز الذكر عن الأنثى، على الرغم من انتمائه لعائلة دمشقية مرموقة ومحافظة، وعليه تعجبت زوجته الجزائرية الأصل من تسامحه  وتبسطه مع أبنائه في الحديث والتعبير.
هيأت أجواء العائلة لنجاح ومنذ أن كانت في المرحلة الابتدائية دوراً سياسياً غضاً بمبادرتها الطفولية إلى تحريض زميلاتها في مدرسة التطبيقات في حي الروضة الدمشقي على السير في مظاهرة وصلت إلى حي الشعلان ليطالبن فتيات معهد الفرنسيسكان للمشاركة في التنديد بالإنتداب الفرنسي، ونهاية تم حجزهن في باحة المعهد وفتح تحقيق اهتم بالمحرضين على التظاهرة، وبين بكاء زميلاتها خوفاً أمام الدرك والضابط الفرنسي ثبتت الصغيرة حيث ردت بلهجة خطابية واضحة على الأسئلة الموجهة إليها. مع الإصرار على الموجهة وبحضور قائد الشرطة أحمد اللحام الذي استطاع حل الإشكال والسماح للصغيرات بالمغادرة بعد إعلانهن عن التوبة؛ لم تعن الحادثة لنجاح الخوف بل واصلت نشاطها بين الأوساط الطلابية بعد نيل الاستقلال وقيام الحكم الوطني، ولم تكن قد تجاوزت الخامسة عشرة بعد. حين قدمتها مديرها عاصم النجاري للوقوف على درج بناء السرايا  في ساحة المرجة لتلقي خطاباً حماسياً عام 1948 أمام جمع غفير عقب النكبة، ثقة معلمها بوطنيتها وفصاحتها اعتمدت على مؤشرات نابعة من ثقته التامة بنضج ثقافتها الأدبية ووعيها السياسي. هذا الوعي والنضج كانت تدعمه خلفية واعية من أب  شعر بحقوق المواطنة وغرسها في نفوس أبناءه وعلى ذلك شبت الفتاة الغضة العود لتنتسب إلى الجامعة السورية عام 1950 ولتتخرج من كلية الآداب عام 1954 في العام نفسه التقت بالطبيب الشاب ماجد العظمة ليقررا الارتباط بعد توافق في الآراء  والأفكار والمواقف ليشكل زوجها الدكتور العظمة امتداداً لدعم الوالد.
دفعها طموحها العلمي  لتتم دراستها العليا برفقة زوجها في بريطانيا لتنال درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف بعد ثلاث سنوات؛ لم تكن نجاح تلك المرأة العادية، بل استفادت من إقامتها في بريطانيا لتجمع بين الفكر التنويري التحرري وبين والسلوك الرصين والأخلاق المحافظة السوية؛ مع الالتزام الديني القويم، ولعها بالعلم دفعها إلى الاقبال على الأدب الروسي من خلال قراءته بالفرنسية، مثلما قرأت الأدب الغربي باللغة الإنكليزية.
وعلى الرغم مما مثلته نجاح العطار العائدة من بريطانيا من مكانة اجتماعية وقيمة نضالية، إلا أن رئيس قسم الآداب لم يرحب بها كأستاذة ، إلا أن طبيعتها المتفائلة وطموحها المتوقد، سعدا على استمرارها في المحاولة ، لتعين في سلك التعليم الثانوي قبل انتقالها إلى وزارة الثقافة بعد ثلاثة سنوات.
لتعمل إلى جانب نخبة من المثقفين السوريين كأنطون مقدسي وإحسان حمصي؛ وفيما بعد حنا ميناوأنطون حمصي في مديرية التأليف والترجمة التي ستتولى إدارتها لاحقاً. بعد أنطون مقدسي الذي أصر عليها بقبول المنصب؛ وهنا بدأ نجمها بالظهور نتيجة إصرارها على زيادة الكتب المترجمة وكان بين العاملين شخصيات مهمة أسهمت في نقل أمهات الكتب والمرجع إلى اللغة العربية، ليرتفع عدد الكتب المترجمة من 15 كتاباً إلى 120 كتاب في العام، لدى تسلم العطار الوزارة، مع إصرارها على إبقاء الأستاذ أنطون مقدسي في الوزارة مدى الحياة لما يمثله من قيمة ثقافية وفكرية لاتعوض.
 حفز وجود العطار في الوزارة العاملين على المضي قدماً في عملية الترجمة على    الرغم من المالية الضئيلة المخصصة فكان البعض يأخذون مدوناتهم إلى البيوت لمتابعة عملهم لإتمام ماتبقى لديهم من عمل.
أمضت نجاح العطار سنوات عملها موظفة في مديرية التأليف و هي تجلس على كرسي من الخيرزان تصلحه كلما تخلخل. كانت صورة نموذجية للمثقف المسؤول. استرعت مقالات الدكتورة نجاح العطار انتباه كثير من القرَاء بحيث عبرت عن شعورها الوطني الصادق من خلال ما كتبته و هذا ما لفت إليها أنظار مثقفي سوريَة.
نجحت خلال توليها الوزارة في توسيع الاتفاقيات الثقافية مع كثير من دول العالم وذلك من خلال إضافة بنود تساعد على التبادل الثقافي بما يقلل من تكاليف إقامة الأنشطة إلى الحدود الدنيا، من خلال روح التعاون والصداقة أقيمت المهرجانات بأقل التكاليف، وبالمثل مثلت سوريا في أكثر من مهرجان دولي، دون إغفال أي فرصة منها للتذكير بالقضايا والحقوق العربية؛ مستفيدة من علاقات الصداقة التي تربط سوريا بالعديد من دول أوروبا وأمريكا اللاتينية وروسيا.
وأخيراً أثبتت التجربة بأن العطار كانت صاحبة مشروع حضاري، امتلكت رؤية شاركها فيها أبناء جيلها محاولين بالتشاركية تحقيق أحلام نهضوية، نسيجها ثقافي أكاديمي؛ وعت واجباتها الوطنية وبدأت بالتغيير من خلال مامنحه إياها منصبها من صلاحيات، أطلقت في العام 2006 المشروع الوطني الشامل(لتمكين اللغة العربية)  المشروع الأهم والأوسع على مستوى الدول العربية؛ وبالتعاون مع مجموعة من الباحثين والمسؤولين تم التوصل إلى وضع خطة شاملة؛هذا بالإضافة إلى مشروع تعديل قانون " مجمع اللغة العربية" بهدف تمكينه من ممارسة دوره لرفع ظاهرة التغريب اللغوي بعد استفحال أمرها.
 وأخيراً يمكن القول: بأن العطار أعطت نموذجاً ريادياً للمرأة السورية في مراتب العلم ومواقع القرار.
من مؤلفاتها
1-أدب الحرب -دراسة بالاشتراك مع حنا مينة- دمشق 1967.
2-من يذكر تلك الأيام - قصص بالاشتراك مع حنا مينة- دمشق 1974.
3-نكون أو لا نكون -مقالات- جزأن- دمشق- 1981.
4-من مفكرة الأيام -مقالات- دمشق 1982.
5-أسئلة الحياة- مقالات- دمشق 1982.
6- كلمات ملونة
7- إسبانيا وهمنغواي والثيران
8- النسيج الثوري بين آذار وتشرين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق