الجمعة، 18 أكتوبر 2013

الكاتبة الأديبة عائشة عفت زكريا


عائشة عفة زكريا

تنحدر صاحبة الترجمة، من أسرة دمشقية عريقة، عرف أفرادها بالعلم، والأدب، والفن، أبصرت النور، في قلب دمشق، في حي استانبول الصغيرة، حيث سكنت العائلات المنعمة من الأسر الدمشقية، التي انتقلت خارج السور، شهد حي ساروجة، طفولتها، كانت حفيدة جميل أنور زكريا بطل من أبطال ميسلون، حقوقي، وأديب، وابنة محمد  عوني زكريا، الرجل الوطني الفاضل، صاحب اللغات والترجمات، والأشعار، والأدب الرفيع، والنفحة الدينية الصوفية، التي حمَلتها  لكتاباتها، المتعددة الجوانب فيما بعد.

ترعرعت بين أحضان الجدة، ذات الصالون الأدبي والفني، الذي جمع بين زواياه، أشهر مثقفي وأدباء وأديبات دمشق، على صدى ترانيم صوفية القرن المنصرم، شبت عائشة، بنفحة صوفية، ظهرت في كتاباتها فيما بعد بوضوح.

 اشتهرت عائشة عفة زكريا، بالمتعابعة العلمية المحضة، والتوثيق المنهجي العلمي، فلم يخل سطر من كتابتاتها، من التوثيق والتبويب والتصنيف، مما لايدع شك للقارىء بغرابة مايقرأ.

أنهت دراستها بمراحلها المختلفة في مدينة دمشق، لتنال  درجة ليسانس في اللغة العربية وآدابها من جامعة دمشق عام 1967م، عملت مدرّسة للغة العربية في السعودية في معهد المعلمات- الرياض.

دفعها طموحها للمعرفة، لمتابعة التحصيل العلمي، فدرست الفنون الجميلة من الرسم والموسيقى وأصول النقد الفني، اتشاركت بمقالات نقدية لبعض معارض الرسم ُنشرت في صحيفتي اليمامة والرياض، ونظراً لشغفها باللغات الأجنية، من أجل الاستزادة من المعارف الغربية، نجحت في نيل درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من جامعة الملك سعود، غادرت الرياض إلى فرنسا، حيث الأدب والفن، فاغترفت من معارف وآداب اللغة الفرنسية، لتعود إلى الرياض، وبدأت مرحلة مهمة من حياتها، هي مرحلة الكتابة الجدية والتأليف، ونظراً لدخولها مجال الأدب الصوفي ، كان لزاماً عليها، المثابرة في تعلم اللغة الفارسية، التي استطاعت إتقانها، في فترة قصيرة.

حصلت على درجة الماجستير في الأدب الإنجليزي من جامعة الملك سعود، وعملت برتبة أستاذ محاضر لفترة قصيرة.

ناداها الحنين إلى الوطن، فعادت، وهي تحمل في جعبتها، ملفات عدة، حوت تصانيف لمجموعة من دراسات، موثقة، قل نظيرها.

ونظراً لغنى مؤلفاتها، منحت درع تكريم لجهودها في الأدب الفارسي من قِبَل جامعة طهران والمستشارية الثقافية الإيرانية بدمشق في يوم المرأة المسلمة، وولادة السيدة فاطمة الزهراء.

-      نشرت عدداً من الكتب في دار المنهل بدمشق منها:

-      الكواكب الدريّة على الحدائق الورديّة في أجلاء السادة النقشبندية للشيخ عبد المجيد الخاني. تحقيق وإعادة طباعة.

-      الحصان الملجم  ذكريات طفولة فارسية. للكاتبة الفارسية المعاصرة شوشا عصار. ترجمة عن الإنجليزية.

-      قصيدة مجلس الطيور للشاعر الانجليزي جفري تشوسر. ترجمة عن الانجليزية الوسيطة، وهو مثنوي موضوعه يوم فالنتاين (الرابع عشر من فبراير- شباط او عيد الحب) في الأدب الإنجليزي على لسان الطيور.

-      منطق الطير بين فريد الدين العطار النيشابوري وتشوسر. دراسة مقارنة. ترجمة لرسالتها التي نالت بها درجة الماجستير في الأدب الانجليزي.

-      ليلى والمجنون للشاعر الفارسي نظامي الكنجوي ترجمة إلى العربية.

-      يوسف وزليخا لعبد الرحمن جامي ترجمة إلى العربية.

-      جولة في آفاق فن الرسم ، شبه قاموس فني شامل للأساسيات التي يجب أن يتعلمها دارسو فن الرسم مع تراجم لكبار رسامي عصر النهضة الأوربية.

تعد السيدة عائشة عفة زكريا الشوا، من

-      من حدائق الروح  العصر الذهبي للتصوف الإسلامي في بلاد الهند وفارس وما وراء النهر

-       السمط المجيد في شأن البيعة والذِكر وتلقينه وسلاسل أهل التوحيد للشيخ صفيّ الدين أحمد الأنصاري الشهير بالقشّاشي. تحقيق وإعادة طباعة

-      ليلى ومجنون للشاعر التركي محمد بن سليمان فضولي. تعريب عن التركية مع دراسة مقارنة لموضوع ليلى ومجنون عند العرب والفرس والترك

-      نور الدين عبد الرحمن جامي سيبقى في ذاكرة الأيام دراسة عن هذا الكاتب والشاعر العرفاني مع عرض لبعض كتبه.

 ويصدر قريباً كتاب عن الشاعر والكاتب والموسيقار يمين الدين أمير خسرو.

يتحدث الفنان  التشكيلي عاصم زكريا، شقيق السيدة عائشة،  عنها ليقول: ظهر نبوغها واهتمامها العلمي في سن مبكرة، فمنذ طفولتها، عكفت على قراءة الأدب والشعر، ورثت الذاكرة الحافظة عن جدها ووالدها، رحمهم الله، ترجمت اهتماماتها، بطريقتها الخاصة، وذلك من خلال دأبها على حفظ قواميس عدة للغات، فكان يكفيها، تصفح صفحة المعجم مرة واحدة، لتكتبها، غيباً، أحبت الأدب والشعر، فغاصت بين صفحات كتبه، لتنهل منها كل جميل. دأبت على اقتناء أمهات الكتب بلغات مختلفة، سافرت للحصول على مصادرها، لتوثيق مؤلفاتها.

تجردت عن توافه الأمور، وصنعت لنفسها عالماً جميلاُ، خاصاً بها، وما زالت أديبتنا المتألقة عاعكفة على مصادرها، ومراجعها، في بيتها الجميل، تسمع اللحن العربي الشجي، وعلى موسيقى موزارت، وبتهوفن، تخط لنا بفكر جميل مستنير، روائع يجهلها أغلبنا.

 

 

 

 

 

 

 

 

الخميس، 17 أكتوبر 2013

الدكتور محمد جميل الخاني 1891-1951م


 
محمد جميل بن محيي الدين بن أحمد بن محمد الخاني طبيب ولغوي، ولد في دمشق وتوفي فيها. تلقى علومه الابتدائية على يدي والده، وتعمق في علوم العربية على يدي بعض كبار الشيوخ. تابع دراسته الثانوية في إحدى المدارس العثمانية، ثم التحق بالمدرسة الطبية العثمانية في دمشق وتخرج فيها عام 1328هـ/1910م، فعين فيها مساعداً. وحين قيام الحرب العالمية الأولى سنة 1914، التحق بالجيش العثماني. وفي عام 1919 اتخذت الحكومة العربية قراراً بتدريس العلوم الطبية باللغة العربية، فكان من مؤسسي المعهد الطبي العربي (كلية الطب البشري اليوم)، وكلف تدريس الفيزياء الطبية والأمراض الجلدية والبولية التناسلية والتشريح المرضي والنسج. وفي عهد الانتداب الفرنسي سافر إلى باريس للتخصص فالتحق بمعهد العلوم الرياضية والطبيعية ونال شهادتها عام 1343هـ/ 1924م، وواظب في الوقت نفسه على مستشفى سان لوي لدراسة الأمراض الجلدية والتناسلية. عاد الخاني بعد ذلك إلى دمشق ليدرِّس هذه المواد في المعهد الطبي العربي، حتى سنة 1933 حينما طلب إحالته على التقاعد.
عين عضواً عاملاً في المجمع العلمي العربي بدمشق (مجمع اللغة العربية اليوم)  سنة 1942، واستقال منه عام 1949.
كان للخاني نشاط اجتماعي إضافة إلى نشاطه العلمي، فقد انتخب أمين السر العام للجمعية الطبية السورية، ورئيساً لجمعية التمدن الإسلامي، وكان عضواً في الجبهة الوطنية المتحدة، وانتخب أول نقيب لنقابة أطباء سورية عام 1943.
صنف الخاني كتباً عدة أكثرها شهرة «القطوف الينيعة في علم الطبيعة» ويقع في ثلاثة أجزاء وقد طبع عام 1930، قام بتأليفه بعد أن عاد من فرنسة. يبحث هذا الكتاب في الميكانيك والموائع والغازات والحرارة والحركة الاهتزازية والصوت والضوء والمغناطيسية والكهربائية، وفي نهايته ملحق، يمكن أن يعد معجماً ثنائي اللغة (عربي - فرنسي، فرنسي - عربي)، يشمل مجموع الألفاظ العلمية التي وردت في الكتاب؛ استخرج المؤلف قسماً منها من كتب التراث ووضع القسم الآخر، وما زال الكثير من هذه المصطلحات معتمداً حتى اليوم. وشرع الخاني بعد إحالته على التقاعد يؤلف معجماً للغة العربية وصل فيه إلى حرف الميم، ويشغل عشرة مجلدات، أسماه «الدر المتراصف في متن اللغة والمترادف»، لكنه بقي مخطوطاً إذ وافت المنية المؤلف قبل أن ينهيه.
وللخاني كتب، بقيت مخطوطة وهي المحاضرات التي كان يلقيها على طلابه، وتتصل بأمراض الجلد والمسالك البولية والنسج. كما له كتاب بالتركية وضعه حينما كان مساعداً في المدرسة الطبية العثمانية يبحث بالأدوية والمداواة.
وكتب الخاني ما ينوف على مائة مقالة بعضها علمي نشر في مجلة المعهد الطبي العربي بدمشق ومجلة أمراض البلاد الحارة التي تصدر في باريس باللغة الفرنسية، وبعضها لغوي نشر في مجلة المجمع العلمي العربي، وبعضها اجتماعي وسياسي نشر في مجلة التمدن الإسلامي وفي صحف دمشق وبيروت والقاهرة.

عبد الكريم بن عثمان العائدي 1903-1980م


الطبيب المجاهد
عبد الكريم العائدي

: طبيب أسنان من المجاهدين.

ولد في دمشق ونشأ بها في رعاية أخيه الأكبر الدكتور أحمد منيف وتعلم بالكلية العلمية الوطنية، وتخرج بالمعهد الطبي العربي. قسم طب الأسنان، وتابع دراسته حتى حصل على الدكتوراه في جراحة الأسنان. عمل سراً مع المجاهدين ضد الانتداب الفرنسي، ولوحق بعد استشهاد أخيه شوكة متخفياً إلى الحجاز فعمل طبيباً عدة سنوات وعاد بعد صدور قانون العفو.

شارك في تأسيس عصبة العمل القومي، وكان أحد أعضاء مجلسها التأسيسي والقيادي، وصدرت باسمه جريدة العمل القومي، ولاحقه الفرنسيون من جديد فنزح إلى الأردن فبغداد، فطلبه الإنكليز فيها وفضل العودة إلى بلده.

عُين بعد جلاء الفرنسيين عام 1946 بمنصب قائم مقام منطقة دوما، فسعى لإنشاء مستشفى فيها، وجرّ إليها الكهرباء، ثم كان مديراً للشرطة والأمن العام فمحافظاً لدرعا، فحماة، فدير الزور، ثم مديراً للعشائر، وكلف أخيراً بمنصب المفوض العام الأول لمكتب مقاطعة إسرائيل في البلدان العربية لجامعة الدول العربية، وساعد في بعض الظروف بإدارة الكلية المشار إليها.
تعرض خلال حكم حسني الزعيم عام 1949 إلى السجن، ثم أطلق فعاد إلى وظائفه.


الدكتور مرشد الخاطر 1888-1966م


مرشد بن حنا ضاهر بن نجم خاطر

 طبيب جراح، موسوعي، له فضل في ترسيخ دعائم تدريس الطب باللغة العربية، ولد في بتاتر، قرية من قرى قضاء الشوف في لبنان. وتلقى تعليمه الثانوي في مدرسة الحكمة المارونية في بيروت ونال شهادتها عام 1906. ثم التحق بكلية الطب الفرنسية ببيروت وبعد انتهاء دراسته فيها اجتاز امتحان الدكتوراه أمام لجنة فرنسية تركية منحته شهادة طبية من الجمهورية الفرنسية في 7 كانون الثاني عام 1911.

بعد إعلان الحرب العالمية الأولى عام 1914، استدعي للخدمة العسكرية في الجيش التركي عام 1915 وفي أثناء خدمته في محطة غدير الحج (جنوب معان) أسره الجيش العربي، وعهد إليه برئاسة القسم الجراحي في مستشفى أبى الأسل ورقاه إلى رتبة أعلى. وبعد دخول الجيش العربي لدمشق كلف برئاسة القسم الجراحي بالمستشفى العسكري إلى أن انتخب في 8 تشرين الثاني عام 1919 أستاذاً للأمراض الجراحية وسريرياتها في المعهد الطبي العربي الذي أنشئ بديلاً من المدرسة الطبية التركية. وافتتح في 23 كانون الثاني عام 1919 كما انتخب عضواً في المجمع العلمي العربي في العام نفسه. ويعود الفضل له في إنشاء مجلة المعهد الطبي العربي التي ظل رئيساً لتحريرها منذ ظهورها عام 1924 إلى أن توقفت عام 1944.

بقي مرشد خاطر يدرِّس الجراحة في كلية الطب حتى عام 1947 حين أحيل على التقاعد، ولكن الجامعة سألته الاستمرار في التدريس حتى نهاية عام 1958. وإضافة إلى عمله بكلية الطب عين رئيساً للقسم الجراحي في مستشفى يوسف العظمة العسكري من عام 1948 حتى 1952، إذ تولى وزارة الصحة في سورية من التاسع من حزيران عام 1952 حتى الحادي عشر من تموز 1953 كما ترأس وفد سورية إلى الاجتماع السنوي لمنظمة الصحة العالمية في جنيف عام 1953 إذ انتخبته وفود الدول المشتركة وعددها ثمانون رئيساً لتلك الدورة.

قام أثناء توليه وزارة الصحة بمشروعات كثيرة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية منها إنشاء مراكز لمكافحة السل والبرداء (الملاريا)، كما أسس مركزاً لرعاية الأم والطفل في دمشق وقد أوفد في أثناء توليه الوزارة عدداً من الأطباء للتخصص في البلدان الأجنبية.

وقد عني خاصة بوضع المصطلحات الطبية، وترجم وألف وشارك في تأليف كتب عدة منها: «الأمراض الجراحية» في ستة مجلدات، «السريريات والمداواة الطبية» في مجلدين، «فن التمريض» مجلد واحد أعيد طبعه مرات عدة، «إصلاح النسل» في مجلد واحد. كما ترجم عن الفرنسية: «جراحة أنبوب الهضم»، «الدروس العملية في الأمراض النسائية»، «أمراض جهاز البول».

ونشر باللغة الفرنسية الكثير من الأبحاث في المجلات الطبية منها «مجلة المجمع الجراحي الفرنسي» كما نشر باللغة العربية عشرات الأبحاث في «مجلة المعهد الطبي العربي» وفي مجلات بمصر ولبنان.

قام بإجراء دراسة بمشاركة بعض أساتذة المعهد عن داء الجلبان الذي تفشى بعد الحرب العالمية الأولى، ولم يكن معروفاً بشكل كاف قبل تلك الدراسة التي صارت مرجعاً للمؤلفين والباحثين.

وفي مجال المعاجم نقل مرشد خاطر بمشاركة أحمد حمدي الخياط[ر] ومحمد صلاح الدين الكواكبي[ر] إلى اللغة العربية معجم المصطلحـات الطبية الكثير اللغات لمؤلفه الفرنسي أ.ل كليرفيل احتوى ما يقرب من خمسة عشر ألفاً من المصطلحات الطبية.

ومعجم العلوم الطبية بالاشتراك مع أحمد حمدي الخياط، وقد نقحه وأتم المجلد الأول بعد وفاتهما محمد هيثم الخياط، وهو يحتوي (15228) من المصطلحات العلمية والطبية.
حظي مرشد خاطر باحترام وتقدير عدد كبير من الجمعيات والمجامع العلمية التي انتخبته لعضويتها منها: المجمع العلمي العربي بدمشق ومجمع اللغة العربية في القاهرة والمجمع الطبي العسكري البرازيلي والمجمع العلمي الفرنسي والجمعية الجراحية الفرنسية. كما منحته دول كثيرة أوسمة رفيعة منها: فرنسة وإيران ولبنان والبرازيل وبلجيكة والڤاتيكان، إضافة إلى وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة.

الثلاثاء، 10 سبتمبر 2013

عبد السلام حيدر 1913-1995


الأستاذ عبد السلام حيدر
ولد عام 1913 في مدينة يبرود من أسرة فاضلة فأبوه يوسف كان مفتي القلمون، تلقى تعليمه الابتدائي في يبرود والإعدادي والثانوي في دمشق (مكتب عنبرثم التحق بمعهد الحقوق العربي وتخرج منه عام 1937 بدرجة امتياز، والتحق في سلك الوظيفة في وزارة الداخلية، حيث عين مديراً للناحية في كل من خربة التين (حمص) ثم عامودا (الحسكة) فالرستن وتدمر (حمص).
ترك سلك الوظيفة وامتهن المحاماة منذ عام 1945 حتى عام 1955 وانتخب أثناء ذلك نائباً عن منطقة القلمون في مجلس النواب لثلاث دورات بعد الاستقلال.

في عام 1956 عاد إلى السلك الوظيفي في القضاء، وعين مستشاراً في محكمة الاستئناف ورئيساً للمحكمة في حمص والسويداء ثم نائباً عاماً في دير الزور ودرعا، ثم رئيساً لمحكمة الجنايات في  حلب وإدلب.

وأثتاء توليه منصب النائب العام في دير الزور في العام 1958 كلف محافظاً لمحافظة دير الزور.

في عام 1964 عين رئيساً لمحكمة الجنايات بدمشق، وفي العام 1966 عين وزيراً للعدل.
وبعد تقاعده عاد لممارسة المحاماة حتى وفاته في 15/12/1995.

شخصيته:
عُرِفَ "رحمه الله" بنزاهته واستقامته وعدله، وكان وطنياً قومياً جريئاً عبر عن وطنيته وقوميته بكثير من المواقف الجريئة والمشرِّفة كادت أن تودي به السجن مرات عديدة، كما.
ورغم كثرة مشاغله ومهامه كانت لديه اهتمامات أدبية شتى، وكان محباً للقراءة وللموسيقى والسفر، ولديه مكتبة ضخمة تضم، إلى جانب كتب القانون، الكثير من الكتب الدينية والسياسية والأدبية والاجتماعية، ولديه أعداد كبيرة من المجلات التي كانت تصدر في الثلاثينيات وما تلاها والتي تعتبر نادرة الآن.

زار مصر والأردن والعراق والسعودية والكويت كما زار فرنسا وبريطانيا وبولونيا والمجر والأرجنتين وتشيلي والبرازيل.

نشاطه الوطني:
من خلال موقعه كمدير لناحية الرستن، وأثناء الانتخابات التي جرت في ظل الاستعمار الفرنسي آنذاك، عمل على مساندة المرشحين الوطنيين مساندة كبيرة في وجه المرشحين الموالين للاحتلال وكان لمساندته تلك أكبر الأثر في فوز مرشحي الجبهة الوطنية في محافظة حمص كلها، وقد أتى على ذكر هذه الحادثة العماد أول مصطفى طلاس في كتابه "مرآة حياتي".

وعندما كان مديراً لناحية تدمر استطاع أن يستعيد من المستعمر الفرنسي قطعة أرض كبيرة في وسط المدينة كانت تستعمل حظيرة لخيول القوات الفرنسية وحولها إلى حديقة عامة، ونظراً لما كان يقوم به من تنمية الحس الوطني والقومي لدى العامة والتحريض بشكل خفي على مقاومة الاستعمار والوقوف بشكل صارم لمنع الفرنسيين من نهب الآثار، وضع القائد العسكري الفرنسي في تدمر آنذاك اسمه ضمن قائمة من يجب تصفيتهم، لكن مشيئة الله أنجته من ذلك بسبب مرضه (بذات الجنب) ودخوله المشفى.

شارك في مؤتمر السلام الذي عقد بعد الحرب العالمية الثانية في مدينة وارسو، ممثلاً سورية مع المرحوم الشيخ محمد الأشمر ومجموعة كبيرة من رجالات سورية.

نشاطه في الشأن العام:
أولى كل اهتمامه لرفع مستوى التعليم في القلمون، فأنشأ في العام 1936 مدرسة ثانوية خاصة ضم إليها نخبة من الأساتذة الأجلاء، وتخرج منها العديد من الطلبة الذين كان لهم حظ كبير في مجرى الحياة السياسية والعامة، وقدم مساعدات لطلبة القلمون، وخاصة المحتاجين لإتمام دراستهم.

ساعد على إصدار مرسوم بافتتاح مدرسة يبرود الريفية التي كانت تخرج مدرسين للمدارس الابتدائية لسد الفراغ في مدارس القطر نتيجة للتوسع في مجال التعليم، وكان للمدرسة المذكورة فضل كبير في نجاح مهمة التعليم في الريف ورفع مستوى الشباب الثقافي.

وفي مدينة النبك، كان له الفضل إلى جانب الأستاذ ياسين طربوش في افتتاح مدرسة داخلية، ضمت بين جنباتها العديد من الطلبة من أبناء القلمون وغيرهم.
 
آثـاره:
ألف في شبابه العديد من المسرحيات والقصص، وقال شعراً في كثير من المناسبات، أصدر عام 1937 مجلة القلمون الأسبوعية، كما أصدر في حمص مجلة الهدى مع الأستاذ قاسم الشاغوري.
اهتم أواخر حياته بوضع كتاب أسماه أخلاق القرآن، يبحث في الآيات القرآنية وكتاب آخر عن معجم قرآني يستطيع القارئ معرفة الكلمة وعدد مرات ورودها في القرآن ومواضعها لكنهما ولسوء الحظ لم يريا النور في حياته.

 

الدكتور راتب كحالة 1920- 2005م


الدكتور راتب كحالة

مواليد دمشق لعام 1920م درس الابتدائية في حي المهاجرين، لينتقل بعدها إلى كل من مكتب عنبر والمدرسة التجهيزية
( جودت الهاشمي)، لينهي دراسته الثانوية، وليلتحق بمدرسة طب دمشق، متفوقاً في دراسته دائماً، حرص المترجم له أن يكون من الأوائل، في كافة المراحل التعليمية التي اجتازها، ونظراً لتفوقه ابتعث إلى الولايات المتحدة ليتابع اختصاصه، ليعود إلى الوطن، أستاذاً في قسم الأشعة، ومسؤولاً، عن قسمها في مستشفى الواساة الذي أسهم في تأسيسه وتنظيمه، وفيما بعد أسس عيادته الخاصة في بوابة الصالحية.

درس في جامعة دمشق، ناب عن نقيب أطباء دمشق بين عامي 1970-1974م، عضو في نقابة الأطباء، تبوء مناصب إدارية مختلفة، متعلقة  بمجاله، عضو بجمعية مكافحة السرطان، عضو في جمعية أصدقاء دمشق.

كان لطيفاً دمث الخلق، اهتم بمحيطه، أولا مرضاه اهتماماً لافتاً، متأنياً في إصدار قراره، كريماً، بمساعدته لعائلات متواضعة، بسرية تامة.

للمترجم له مؤلف في اختصاصه مازال يدرس في كلية طب دمشق، وله  مقالات علمية نشرت في مجلات علمية مختلفة، كتب مقالات للموسوعة العربية، شارك في مؤتمرات طبية عدة.
توفي في 15 أيلول 2005م، ليبقى اسمه مدوناً في سجل مبدعين سوريين.

 

 

 

الجمعة، 6 سبتمبر 2013

الحلبوني قلب دمشق

حي الحلبوني
 يقع حي الحلبوني في منطقة البرامكة، إلى الغرب المجاور لمحطة الحجاز، ويمتد إلى مشفى دار التوليد في البرامكة.
عرفت محلة الحلبوني في العهد المملوكي باسم وادي الأعجام، كم ذكر ابن قاضي شهبة في القرن الثامن للهجرة، ( الجنوب من وادي شقرا الذي يقع إلى الغرب من وادي البنفسج المشهور)، وفيه وجدت محلة الخلخال، التي تعد من أجمل بقاع دمشق، وفيها قبور البرامكة، وقسم من محلة المنيبع، أو عين المنيبع التي تعني بالسريانية العين المتفجرة، ويعزى ذلك لمرور نهر القنوات فيها، أو وجود عين ماء متدفقة هناك.
  يقع وادي الأعجام، حيث توجد زاوية تحمل نفس الاسم في موقع جنينة النعنع اليوم، التي زالت آثارها، وتحول الاسم إلى بستان الأعجام ليحمل في أواخر القرن الماضي اسم زقاق المنلا، وظل كذلك إلى أن اشتراه حسن أفندي الحلبوني وعمر فيه قصره سنة 1340هـ، وعمر إلى جانبه الجامع الذي عرف به، ليمتد العمران إلى البستان، لتشيد أبنية كثيرة، ليطلق على الحي بكامله حي الحلبوني.
اما نسبة الحلبوني، فتعود إلى قرية حلبون من قرى التل شمالي دمشق والتي تشتهر بطيب هواءها وجبالها ومتنزهاتها.
ن طريف ماروي حول حي الحلبوني: ان منشىء الحي كان قد ظفر بإحدى طمائر الجيش العثماني عقب انسحابه من بلاد الشام، عام 1918م، وهي عبارة عن صناديق عدة مملوءة بالذهب العصملي الوهاج، فصار من كبار الأغنياء وأثرى، ومن هذا المال عمر القصر والجامع، وربما تكون الرواية لاتعدو مبلغ الأقاويل.
من أهم المباني القائمة إلى اليوم، جامع الحلبوني، شيده الحلبوني عام 1933م.
 الأستاذ أكرم العلبي، صاحب كتاب خطط دمشق؛ الذي أورد: بأن جامع الحلبوني من أهم العمائر في المنطقة، لكونه الأقدم ومن تسميته استمد اسم المكان، من المساجد التي بنيت في العهد الفرنسي، في موقع بستان الأعجام، نسب إلى اسم بانيه،  تحيط به من جهة الغرب حديقة غناء، أضيفت إلى الجامع عام 1402 هـ، فازدادت محاسنه، وتضاعفت مساحته، وصارت تقام فيه الجمع، فيه نقوش يعود تاريخها إلى 1352هـ و 1360هـ وربما أقيم الجامع على أنقاض مدرسة أو جامع كما يلاحظ من قبته، وذلك لوجود عدد من المدارس والمساجد والزوايا في المنطقة.
أما قتيبة الشهابي، فأورد في مؤلفه مآذن دمشق: بالنسبة لمئذنة الجامع، فهي من الطراز الهجين، فالطبقة الأولى من جذعها كثيرة الأضلاع تزينها أشرطة، حجرية بارزة، تنتهي في الأعلى بأفاريز بارزة، تحمل شرفة مستديرة يحيطها درابزين مضلع من الحديد، لتنتهي الطبقة الثانية من الجزع بـ 12 ضلعاً يحيطها درابزين مضلع اسمنتي، مفرغ بدوائر تزينية،  تغطيها مظلة على شاكلتها، لينتهي رأس المئذنة بسوجق ثنائي الطبقة، زينت العلوية منه بالمحاريب، تعلوه قبة نصف دائرية، تحمل ذروة صنوبرية. وتمثل المئذنة قمة الفن المعماري الهجين التشكيلي، لما فيها من تناسق وتوافق وارتباط وانسجام.
وبجولة لمدونة وطن في حي الحلبوني، وجد أن العمائر تعود في بنائها إلى الفترة العثمانية وفيما بعد الفرنسية، وذلك لتطابق فن المعمار الهندسي فيها مع مناطق سكنية حديثة خارج السور، هذا مع وجود مزيج معماري بين بيوت عربية قديمة مازالت قائمة، بالتجاور مع أبنية ذات طابع معماري كلاسيكي. وبلقاء مع شيخ مهندسي الشام خليل الفرا قال: افتقدت بيوت حي الحلبوني المساحات الخلفية والجانبية، وهذا مايعني افتقادها للحدائق والفسحات السماوية، قطنتها الأسر الدمشقية العريقة، لموقعها وطيب هوائها، وما زال بيت الشيخ تاج الدين الحسني قائماً ليذكر بسكن رئيس الجمهورية السورية، كذلك سعيد الغزي،     الذي خلف ذكره بجادة الغزي الموجودة حتى الآن، وموفق النحلاوي، وغيرهم كثر.
ليتحدث الأستاذ نشوان الأتاسي: لطالما أحببت أحياء الشام فكنت أتردد عليها بشغف ولقد قضيت فترة دراستي الجامعية مقيماً في حي الحلبوني ( المنطقة مابين خلف مدرج جامعة دمشق، شارع المكتبات الجدار الخلفي لكلية طب الأسنان ومشفى الجامعة الطريق العام الفاصل بين الحلبوني والبرامكة)، والذي ضم بين جنباته مزيج اجتماعي فريد، كان الملاك دمشقيون، والمستأجرون من الطلاب من حمص وحماه، فعلى ماأذكر سكن في الجوار آل السيد والقضماني، والمقداد من حوران، وعائلة جركسية، وأخرى فلسطينية، بالقرب منها فرع لمنظمة تحرير فلسطين( القيادة العامة) كانت شوارعه نظيفة، ذات أشجار وارفة ظليلة، وللحي خصوصيته، وفيما بعد تحولت المنطقة تدريجياً من حي سكني هادىء إلى حي تجاري، ليحل محل سوق الوراقين  الكائن في المسكية الواقعة داخل السور.
وبزيارة لأشهر مكتبات الحلبوني، مكتبة أبو عبادة لصاحبها محمد زكي رمضان يوسف، تحدث عن أهمية حي الحلبوني، لموقعه المتميزبين أحياء دمشق القديمة والحديثة، وأهميته الثقافية من حيث طباعة الكتب المختلفة المناهج وتوريدها إلى داخل سورية والعالم. ليقول:  يرتاد مكتبتي كثيرون من جنسيات مختلفة للسؤال عن نفائس الكتب، منهم أمريكيين ويابانيين جمعتني معهم صداقة، ومنهم فرنسيين و ألمان من المستشرقين الذين يبحثون عن المعرفة المكتوبة. 
وبجولة لمدونة وطن داخل أزقة الحي وجدت بأن الحي يمثل قمة في التماذج الإنساني والثقافي والحضاري بين ماكان وبين ماهو موجود.
 
 
 
 

" الدكتور إبراهيم حقي"


الدكتور إبراهيم حقي

أبصر المترجم له النور عام 1920م في حي القنوات العتيق العريق، هناك كانت طفولته بين أقرانه، حيث العادات الدمشقية الجميلة، والأخلاق الحميدة، التي ترافقت مع لمسة دينية عميقة، تركت أثراً في حياة أجيال متعاقبة، تجلت من خلال نتاج أجيال بأكملها.

وبالعودة إلى سيرة العائلة" حقي" نرى أنها من مؤسسي حي القنوات، وهذا مايدل عليه رقم السجل في النفوس المدني، قنوات براني رقم 16، وبملاحقة السجل المدني للعائلة، نراه يتغير إلى صالحية جسر 54، أي أنها واكبت توسع مدينة دمشق، والخروج من الشام العتيقة إلى حي الصالحية، مع بدايات توسع المدينة.

غادر إبراهيم حقي دمشق طفلاً إلى حلب لانتقال والده للعمل فيها، حيث حصل على الشهادة الابتدائية من مدرسة الفيوضات بمحلة الفرافرة في حلب، ولتعود العائلة إلى دمشق، حيث انتسب إلى مكتب عنبر، وفيما بعد انضم إلى رعيل مدرسة جودت الهاشمي، ليحصل على شهادة البكلوريا بفرعيها العلمي والفلسفة باللغة الفرنسية، كان متفوقاً بل أعطت دمشق في تلك الفترة جيلاً كاملاً من المتفوقين، وهذا مادل عليه، نتاج خريجي مكتب عنبر وتجهيز جودت الهاشمي فيما بعد.

ليلتحق بالمعهد الطبي العربي، في دمشق، وكان من أساتذته ، حسني سبح، مرشد الخاطر، منيف العائدي، منير شورى، بشير العظمة، شوكت القنواتي، عزت مريدن، أنسطاس شاهين، توفيق المنجد.
ليقول: بعد التخرج تابعت دراستي في جامعة دمشق، ونظراً لتفوقي عينت معيداً في الجامعة، وعملت في قسم التوليد، بعد أن رشحني الدكتور "شوكت القنواتي" لأكون مساعداً له في قسم التوليد، بعد أن أقنعني أن التوليد ما هو إلا فرع من فروع الجراحة العامة،  ومع انتهاء مدة التخصص، غادرت دمشق مبتعثاً إلى باريس، وهناك، تتلمذت على أيد، كبار أساتذة التوليد، ذوي الشهرة العالمية، وكان نصيبي من خبرتهم العالمية وافراً لأنهي دراستي متفوقاً وأعود، بكل ماهو جديد، إلى أرض الوطن.

ليقول: كنت مهتماً، بكل دقائق الأمور، سخرت، نفسي لتطور بلدي، في مجالي الطب، والثقافة، أوليت العمل بتطوير العلم جانباً مهماً من حياتي، أجل سخرت طاقتي، في خدمة جامعتي التي أوفدتني، من خلال العمل، على تخريج دفعات من الطلاب المتميزين في مجالي.

أحببت الأدب فاستطعت الجمع بين مهنة الطب والعلوم الإنسانية من خلال حبي للكتابة التي كانت هوايتي منذ الصغر،  فرحلتي معها بدأت حين كنت طالباً في مدرسة "مكتب عنبر"، وكانت البداية في الصف الثامن من خلال مشاركاتي بمجلة "سمير" الموجة للتلاميذ، ثم تابعت الكتابة وأنا طالب في كلية الطب في جريدة "الاستقلال العربي" التي خصصت صفحة سميت " صوت الجامعة" وكان يكتب فيها طلاب كليتي الطب والحقوق، أما التفرغ بشكل كلي للكتابة فلم يتحقق إلا بعد اعتزالي الطب، حيث أصبحت اللغة العربية هي المعنية والمقصودة بكتاباتي. فما أحوج لغتنا العربية لجهود المخلصين والعاشقين لها للارتقاء بها لأنها تعبر عن هويتنا وشخصيتنا والتي من دونها لا ملامح لنا.

 يتابع د"حقي": لدي العديد من المؤلفات الطبية منها: أمراض النساء 3 أجزاء، فن التوليد بمشاركة من الدكتور صادق فرعون، جزءان، تصوير الرحم والملحقات، كتاب تشريح الجهاز التناسلي عند المرأة،  معجم مصطلحات التوليد وأمراض النساء، بثلاثة لغات مع شرح المفردات، لم يكن تأليفه بهدف الربح، إنما لنشر المعرفة الطبية بالعربية والفرنسية والإنكليزية.

من الكتب الأدبية؛ سلسلة من ثلاثة كتب تحت عنوان "أدركوا الدعائم"  وقد ركز في الكتابة على مواضيع ثلاثة: اللغة, الأخلاق, القوة، لاعتقاده بكونها دعائم الأمم كلها، وعلى الرغم من أن العنوان العام لهذه الكتب جاء بصيغة الأمر إلا أنه يتضمن الرجاء أكثر.
 ومن المؤلفات "هذا هو الإسلام فأين المسلمون".
 وبالنسبة لإصداراته الجديدة،  فسينهي قريباً " تطور دمشق خلال الثمانين سنة الماضية بكافة المجالات العمرانية والثقافية"،  لمعايشته تلك العقود.
آراء زملائه فيه "صادق فرعون": كان الدكتور "حقي" ثالث طبيب بعد الأطباء "قنواتي، وبرمدا" في مشفى التوليد الجامعي بدمشق، هو إنسان علمي خلوق، معاملته للزملاء والمرضى مثالية، مثقف ليس في مادة الطب وإنما في المواد العامة، مارس الطب خلال ستة عقود ممارسة أخلاقية، اشتركت معه بتأليف كتاب "التوليد"، خدم مهنته أكثر مما خدمته.
الأستاذ المهندس خليل الفرا أمد الله بعمره: عقله واع لمحيطه دائماً، اتسم بأخلاقه الطيبة وحرصه على مصلحة بلده، عملنا معاً في إنشاء دار التوليد، وتجهيزه، وكان خير مثال للمواطن الناجح، أحب مرضاه وتجاوب مع آلامهم وهمومهم.

 تقاعد د. حقي طوعاً، من مهنة الطب، ليشرع بالتخطيط لمجموعة مؤلفات أغنت المكتبة العربية وعبرت عن أخلاقية رفيعة المستوى، تضمنت كثير من الأمور الإنسانية والأخلاقية.

 *  الطبيب والكاتب "إبراهيم حقي" أستاذ وعميد كلية الطب بجامعة دمشق1970-1973، نقيب أطباء دمشق1970-1974، رئيس الجمعية السورية للمولدين، خلال ستة سنوات تأسست عام 1980- والتي كان للدكتور صادق فرعون الفضل في تأسيسها-، رئيس الرابطة العربية لجمعيات اختصاص التوليد وأمراض النساء، أحد مؤسسي المجلس العربي للاختصاصات الطبية ( البورد العربي ) الذي تأسس عام 1980، أول رئيس لقسم التوليد وأمراض النساء، عضو الجمعية الفرنسية للخصوبة. رئيس الموسوعة الطبية لعام2011التي تأسست عام 2008.طبيب استشاري وشريك في مشفى دار الشفاء بدمشق.
للدكتور حقي مشاركات قيمة في الموسوعة العربية، هذا بالإضافة إلى حضوره الندوات والمؤتمرات الطبية. مع سيل وافر من البحوث المقدمة في محافل علمية لاتحصى، وأخرى مطبوعة في جرائد ومجلات طبية مختصة.

 

الخميس، 29 أغسطس 2013


حي الحلبوني

 يقع حي الحلبوني في منطقة البرامكة، إلى الغرب المجاور لمحطة الحجاز، ويمتد إلى مشفى دار التوليد في البرامكة.

عرفت محلة الحلبوني في العهد المملوكي باسم وادي الأعجام، كم ذكر ابن قاضي شهبة في القرن الثامن للهجرة، ( الجنوب من وادي شقرا الذي يقع إلى الغرب من وادي البنفسج المشهور)، وفيه وجدت محلة الخلخال، التي تعد من أجمل بقاع دمشق، وفيها قبور البرامكة، وقسم من محلة المنيبع، أو عين المنيبع التي تعني بالسريانية العين المتفجرة، ويعزى ذلك لمرور نهر القنوات فيها، أو وجود عين ماء متدفقة هناك.

  يقع وادي الأعجام، حيث توجد زاوية تحمل نفس الاسم في موقع جنينة النعنع اليوم، التي زالت آثارها، وتحول الاسم إلى بستان الأعجام ليحمل في أواخر القرن الماضي اسم زقاق المنلا، وظل كذلك إلى أن اشتراه حسن أفندي الحلبوني وعمر فيه قصره سنة 1340هـ، وعمر إلى جانبه الجامع الذي عرف به، ليمتد العمران إلى البستان، لتشيد أبنية كثيرة، ليطلق على الحي بكامله حي الحلبوني.

أما نسبة الحلبوني، فتعود إلى قرية حلبون من قرى التل شمالي دمشق والتي تشتهر بطيب هواءها وجبالها ومتنزهاتها.

من طريف ماروي حول حي الحلبوني: ان منشىء الحي كان قد ظفر بإحدى طمائر الجيش العثماني عقب انسحابه من بلاد الشام، عام 1918م، وهي عبارة عن صناديق عدة مملوءة بالذهب العصملي الوهاج، فصار من كبار الأغنياء وأثرى، ومن هذا المال عمر القصر والجامع، وربما تكون الرواية لاتعدو مبلغ الأقاويل.

من أهم المباني القائمة إلى اليوم، جامع الحلبوني، شيده الحلبوني عام 1933م.

زارت مدونة دمشق الأستاذ أكرم العلبي، صاحب كتاب خطط دمشق؛ الذي أورد: بأن جامع الحلبوني من أهم العمائر في المنطقة، لكونه الأقدم ومن تسميته استمد اسم المكان، من المساجد التي بنيت في العهد الفرنسي، في موقع بستان الأعجام، نسب إلى اسم بانيه،  وكانت تحيط به من جهة الغرب حديقة غناء، أضيفت إلى الجامع عام 1402 هـ، فازدادت محاسنه، وتضاعفت مساحته، وصارت تقام فيه الجمع، فيه نقوش يعود تاريخها إلى 1352هـ و 1360هـ وربما أقيم الجامع على أنقاض مدرسة أو جامع كما يلاحظ من قبته، وذلك لوجود عدد من المدارس والمساجد والزوايا في المنطقة.

أما قتيبة الشهابي، فأورد في مؤلفه مآذن دمشق: بالنسبة لمئذنة الجامع، فهي من الطراز الهجين، فالطبقة الأولى من جذعها كثيرة الأضلاع تزينها أشرطة، حجرية بارزة، تنتهي في الأعلى بأفاريز بارزة، تحمل شرفة مستديرة يحيطها درابزين مضلع من الحديد، لتنتهي الطبقة الثانية من الجزع بـ 12 ضلعاً يحيطها درابزين مضلع اسمنتي، مفرغ بدوائر تزينية،  تغطيها مظلة على شاكلتها، لينتهي رأس المئذنة بسوجق ثنائي الطبقة، زينت العلوية منه بالمحاريب، تعلوه قبة نصف دائرية، تحمل ذروة صنوبرية. وتمثل المئذنة قمة الفن المعماري الهجين التشكيلي، لما فيها من تناسق وتوافق وارتباط وانسجام.

وبجولة لمدونة وطن في حي الحلبوني، وجد أن العمائر تعود في بنائها إلى الفترة العثمانية وفيما بعد الفرنسية، وذلك لتطابق فن المعمار الهندسي فيها مع مناطق سكنية حديثة خارج السور، هذا مع وجود مزيج معماري بين بيوت عربية قديمة مازالت قائمة، بالتجاور مع أبنية ذات طابع معماري كلاسيكي. وبلقاء مع شيخ مهندسي الشام خليل الفرا قال: افتقدت بيوت حي الحلبوني المساحات الخلفية والجانبية، وهذا مايعني افتقادها للحدائق والفسحات السماوية، قطنتها الأسر الدمشقية العريقة، لموقعها وطيب هوائها، وما زال بيت الشيخ تاج الدين الحسني قائماً ليذكر بسكن رئيس الجمهورية السورية، كذلك سعيد الغزي،     الذي خلف ذكره بجادة الغزي الموجودة حتى الآن، وموفق النحلاوي، وغيرهم كثر.

ليتحدث الأستاذ نشوان الأتاسي: لطالما أحببت أحياء الشام فكنت أتردد عليها بشغف ولقد قضيت فترة دراستي الجامعية مقيماً في حي الحلبوني ( المنطقة مابين خلف مدرج جامعة دمشق، شارع المكتبات الجدار الخلفي لكلية طب الأسنان ومشفى الجامعة الطريق العام الفاصل بين الحلبوني والبرامكة)، والذي ضم بين جنباته مزيج اجتماعي فريد، كان الملاك دمشقيون، والمستأجرون من الطلاب من حمص وحماه، فعلى ماأذكر سكن في الجوار آل السيد والقضماني، والمقداد من حوران، وعائلة جركسية، وأخرى فلسطينية، بالقرب منها فرع لمنظمة تحرير فلسطين( القيادة العامة) كانت شوارعه نظيفة، ذات أشجار وارفة ظليلة، وللحي خصوصيته، وفيما بعد تحولت المنطقة تدريجياً من حي سكني هادىء إلى حي تجاري، ليحل محل سوق الوراقين  الكائن في المسكية الواقعة داخل السور.

وبزيارة لأشهر مكتبات الحلبوني، مكتبة أبو عبادة لصاحبها محمد زكي رمضان يوسف، تحدث عن أهمية حي الحلبوني، لموقعه المتميزبين أحياء دمشق القديمة والحديثة، وأهميته الثقافية من حيث طباعة الكتب المختلفة المناهج وتوريدها إلى داخل سورية والعالم. ليقول:  يرتاد مكتبتي كثيرون من جنسيات مختلفة للسؤال عن نفائس الكتب، منهم أمريكيين ويابانيين جمعتني معهم صداقة، ومنهم فرنسيين و ألمان من المستشرقين الذين يبحثون عن المعرفة المكتوبة. 

وبجولة لمدونة وطن داخل أزقة الحي وجدت بأن الحي يمثل قمة في التماذج الإنساني والثقافي والحضاري بين ماكان وبين ماهو موجود.