الخميس، 2 أبريل 2020

أمَّا مسيرته الإذاعيَّة فتعود إلى عام 1938م، عندما افتتحت سلطة الاحتلال الفرنسي محطَّة إذاعيَّة في ساحة النجمة في دمشق لا يغطي بثُّها سوى دمشق، وبمحض المصادفة قدَّم «الشهابي» ذات يوم بدلاً من صديقه «نشأت التغلبي» "1914-1995م" نشرة الأخبار بالفرنسيَّة ثم بالعربيَّة، فأُعجب به مدير الإذاعة الفرنسي وتعاقد معه، واستمرَّ «يحيى الشهابي» يعمل في هذه المحطَّة حتَّى عام 1945، حينما قامت القوَّات الفرنسيَّة بقصف دمشق والمجلس النيابي، فأضرب هو و«التغلبي» عن العمل، فحكمت عليهما السلطات الفرنسيَّة بالإعدام، فهرب «التغلبي» إلى حمص، أمَّا «الشهابي» فقد أنقذه جندي سنغالي كان يحرس مبنى الإذاعة، وكان «الشهابي» يساعده على التفقُّه بشؤون الدِّين، وعقب الاستقلال أسَّست الحكومة السوريَّة الإذاعة الوطنيَّة  وفي صباح يوم الجلاء في السابع عشر من نيسان عام 1946م، انطلق صوت «يحيى الشهابي» مفتتحاً بثَّ الإذاعة، قائلاً: (أيُّها الشعب الكريم، يا شعب البطولات والتضحية، هذه إذاعتك، إذاعة الجمهوريَّة السوريَّة من دمشق، إذاعة القوميَّة العربيَّة، إذاعة كل العرب، تنقل صوتها إليك في أعيادك، الإذاعة السوريَّة من دمشق تتحدَّث إليك). 
كان مقرُّ الإذاعة السوريَّة الجديد حينها في أوَّل شارع بغداد، وكانت الإذاعة تابعة لإدارة البرق والبريد، ومنذ ذلك الحين بدأ الإعلامي «الشهابي» برنامجه الأسبوعي "في دوحة الشعر" الذي كان يقدِّمه بنفسه بصوته الرخيم المميَّز، وقد استمرَّ البرنامج حتَّى عام 1994م محافظاً على شعبيَّته وشهرته في أنحاء الوطن العربي كافَّة.
في أثناء عمله الطويل في الإذاعة السوريَّة عمل «الشهابي» على تقديم عدد كبير من الفنَّانين الذين أضحوا نجوماً فيما بعد على مستوى الوطن العربي، وكان من أبرزهم المطربة «فيروز» والأخوين «عاصي ومنصور الرحباني» الذين تعاقد معهم على العمل كل يوم أحد، مما أدّى إلى انطلاقتهم الفنيَّة على مستوى العالم العربي.
انتُدب السيد «الشهابي» بين عامي 1952-1954م للعمل في إذاعة الأمم المتحدة في نيويورك فأشرف على تنظيم البرنامج العربي اليومي وبثِّه، وقد كان يستغرق ساعتين، متضمِّناً الأخبار وبرامج متنوِّعة، ذات طابع ثقافي وعلمي وسياسي، وهناك توطَّدت علاقته الشخصيَّة مع أدباء المهجر العرب، وعند عودته إلى دمشق عُيِّن «الشهابي» بناءً على طلبه، مديراً عامَّاً بالوكالة للإذاعة السوريَّة، كي لا يبتعد عن العمل الإذاعي المباشر، واستمر في عمله هذا حتَّى عام 1960م، وفي أثناء الوحدة بين سورية ومصر، وعندما صار مديراً عامَّاً لهيئة الإذاعة والتلفزيون في الإقليم الشمالي، أنشأ محطَّة للإرسال التلفزيوني في جبل قاسيون، وكلَّف السيد «صباح قباني» الإشراف على برامجه، وأوفد عدداً من المذيعين والمذيعات والإعلاميين والفنيين للتدرُّب في إيطاليا وألمانيا وأميركا، كما أشرف على بناء وتأسيس مبنى الإذاعة والتلفزيون في ساحة الأمويين.
شغل «الشهابي»، إضافة إلى عمله الإعلامي، مناصب عدَّة، منها مفتِّش دولة في الهيئة العامَّة للرقابة والتفتيش، كما عمل في التدريس في كليَّة الصحافة في دمشق وفي المركز العربي للتدريب الإذاعي والتلفزيوني، وفي عام 1967م صدر للأديب «يحيى الشهابي» بإشراف مَجمع اللغة العربيَّة "مُعجم المصطلحات الأثريَّة بالعربيَّة والفرنسيَّة"، له العديد من المقالات في مجلَّات سوريَّة كـ"الصباح" و"الدنيا"، وفي بعض المجلَّات اللبنانيَّة في بيروت والمهجر...
من مخطوطاته غير المنشورة بعد "مُعجم مصطلحات الإذاعة والتلفزيون"، "الأدباء البوهيميون في الأدب العربي"، و"العرب والشعوب".
ومن روَّاد سورية وأحد أهم عشَّاق دمشق ومؤرِّخيها ورواتها وأدِلّائها وأطبّائها، الدكتور الدمشقي «قتيبة الشهابي» "1934- 2008م"  سليل عائلة نبيلة من المجاهدين لأجل حريَّة واستقلال سورية، فهو ابن الأمير «أحمد الشهابي» الذي كان أحد دعائم الثورة السوريَّة الكبرى في غوطة دمشق، حيث كان طوال فترة الثورة رئيساً لمحكمة الاستقلال في قرية "الحتيتة" في الغوطة، والذي عانى طويلاً مرارة النفي واللجوء إلى شرقي الأردن حتَّى صدور العفو عن الثوّار من قِبل سلطات الانتداب الفرنسي.
 سكن الأمير «أحمد» مدينة الحسكة، حيث كان قاضياً "نائب عام"، ثم عمل محاميَّاً. 
أنهى د.«قتيبة الشهابي» الدراسات العليا في طب الأسنان، ونال شهادة الدكتوراه في جراحة الأسنان‏ من لندن، كما تخصَّص بالتصوير الضوئي العلمي والمجهري والفنِّي وكان له عدَّة معارض تشكيليَّة وفنيَّة داخل سورية وخارجها، كان د.«قتيبة الشهابي» أستاذاً أكاديميَّاً متميِّزاً في كليتي الفنون الجميلة وطب الأسنان، وطبيباً معالجاً، وتحوَّل مساره فيما بعد إلى باحث في التاريخ الدمشقي وأوابده الأثريَّة بدعم من وزارة الثقافة.  
لم يكن د.«قتيبة الشهابي» عاشقاً غيوراً فحسب، ولم يحاول أن يحجب محبوبته خلف أسوار عالية، بل عمد على نشر نظرة المُحب لدمشق وأبنيتها وآثارها في كتبه وصوره وحاول أن يشرح بالكلمة والصورة ما نعرفه جميعاً بالفطرة، لماذا يتحوَّل كل قاطن أو زائر أو مار بدمشق إلى عاشق لها.
كما كان د.«الشهابي» من أوائل المستقبلين للسيَّاح الذين يزورون دمشق، يزرع هوى الشام في
قلوبهم، يأخذ بيدهم عبر كتبه ومقالاته المنشورة في الدوريَّات المختصَّة ويطوف بهم في ربوع دمشق، يزورون أوابدها التاريخيَّة وروائعها المعماريَّة، يمشون في أسواقها، يقرؤون معاً النقوش المكتوبة على آثارها المعماريَّة، يزورون مشاهد وقبور المدفونين فيها، يتأملون جمال طراز مساجدها ومآذنها، يستمعون معاً إلى القداديس والتراتيل من كنائسها وأديرتها، يلتقطون معاً الصور التي توثِّق عرى الحب والعشق بين المدينة وأبنائها وزائريها، كان دليلاً متطوعاً، مثقفاً يشرح باللغات الحيَّة كلَّ ما يهم السيَّاح أن يعرفوه عن دمشق الشام.
عمل في المناصب التالية:
- عضو الهيئة التعليميَّة في كليَّة طب الأسنان - جامعة دمشق.
- أستاذ للتشريح الفنِّي في كليَّة الفنون الجميلة - جامعة دمشق.
- عضو نقابة الفنون الجميلة بدمشق.
- عضو اتِّحاد الفنَّانين التشكيليين
العرب.
- متخصِّص بالتصوير الضوئي من لندن.
- عضو لجنة تسميات الشوارع في مدينة دمشق.
- خبير ثقافي في وزارة السياحة.
- مستشار وزير السياحة بين عامي 2000-2007 م.
- عضو هيئة تحرير مجلة دليل السائح.
ولـ«الشهابي» 277 مؤلفاً مطبوعاً، ستة منها مؤلفات علميَّة، تتضمَّن أربعة كتب جامعيَّة تدرَّس في كليَّة طب الأسنان في جامعة دمشق، بالإضافة إلى معجمين إنكليزي - عربي، عن مصطلحات طب الأسنان والمصطلحات الطبيَّة.
تعمَّق بدراسة التاريخ الدمشقي فأَّلَّف عدَّة كتب في مجال التاريخ والتراث والآثار منها: 
- "أطلس تحضير الحفر في مداواة الأسنان"، جامعة دمشق، دمشق عام 1975م.
- "المعجم الطبي للجيب"، ط2، مكتبة لبنان عام 1987م.
- "هنا بدأت الحضارة، سورية تاريخ وصور"، دار الأبجديَّة، دمشق عام 1988م. 
- "دمشق تاريخ وصور"، ط1 وزارة الثقافة عام 1968م، ط2 النوري، دمشق عام 1990م.    
- "مداواة الأسنان الترميميَّة"، جامعة دمشق عام 1991م.
- "معجم ألقاب أرباب السلطان في الدول الإسلاميَّة"، وزارة الثقافة، دمشق عام 1995م.
- "معالم دمشق التاريخيَّة"، بالمشاركة، وزارة الثقافة، دمشق عام 1996م. 
- "زخارف العمارة الإسلاميَّة في دمشق"، وزارة الثقافة، دمشق عام 1997م.  
- "النقوش الكتابيَّة في أوابد دمشق"، وزارة الثقافة، دمشق عام 1997م.  
- "صمود دمشق أمام الحملات الصليبيَّة"، وزارة الثقافة، دمشق عام 1998م.
- "دمشق الشام في نصوص الرحَّالين والجغرافيين والبلدانيين العرب والمسلمين"، ج1-2 بالاشتراك مع أحمد الإيبش، وزارة الثقافة عام 1998م.
- "طريف النداء في دمشق الفيحاء"، ج2، وزارة الثقافة، دمشق عام 1998م. 
- "الطيران ورواده في التاريخ"، وزارة الثقافة، دمشق 1999م.
- "نقود الشام، دراسة تاريخيَّة للعملات التي كانت مُتداولة في الشام" وزارة الثقافة، دمشق عام 2000 م.              
- "معجم المواقع الأثريَّة السوريَّة"، وزارة الثقافة، دمشق عام 2006 م.
- "الأعلام والشعارات والرنوك في الوطن العربي"، دمشق عام 2016 م.
تزوَّج من السيدة الفاضلة د.«هالة حمَّامي»، أبناؤه م.«سرمد» ود.«سامر».            
رحل د.«قتيبة الشهابي» بجسده لكنَّه لايزال في ذاكرة الوطن من خلال كتبه.
وهو مَن قال: (دمشق هي صديقتي الأثيرة التي أعطت حياتي طعماً مختلفاً، هو مزيج من العذوبة
والإحساس الرهيف بالفن والأصالة، وأنا مَدين لدمشق بكلِّ أيَّام الفرح والسعادة التي عشتها).