الاثنين، 4 يوليو 2011

التراثيات في المنازل جمال و فخر و اعتزاز

يختزل هذا القول كثير من المفاهيم التي تحدد أهمية الموروث أو أي قطعة قديمة لأي منا، فمن خلال آثار باقية يعطي الماضي مخزوناً من القيم المحسوسة والملموسة، تشكل منطلقاً لإثبات وجود ماضٍ عريق يستند إلى أشياء ملموسة، تشد الناظر إليها لتذكره بتاريخ لم يكن هو موجود فيه، ولكنه يستطيع استذكاره بمجرد النظر إليها..

تعد القطع الزجاجية القديمة من المواد الأساسية المساعدة المستخدمة في صناعة الأثاث وزخرفته، حيث تستعمل المرايا والبلور العادي والملون للتزيين وإضفاء الجمال على المكان. وقد برع العرب في صناعة الأثاث المزجج المتعدد الألوان الذي شاع في القرن السابع عشر واستخدام العاج في تطعيم الأثاث الفاخر، ونزل عظم قوقعة السلحفاة فوق أرضيات من الفضة، كما استخدمت أصداف القواقع وعرق اللؤلؤ لتطعيم الخشب
، واستعمل الجص المعجون بالغراء لتشكيل الزخارف وبخاصة في الأثاث الإسلامي الشرقي.



 وهكذا تعد قطع العاديات القديمة عنصراً متمماً وملازماً لفن التصميم الداخلي والأثاث، حيث تعتمد وظيفتها على ملأ الفراغ الذي ستوضع فيه ومدى تناسقها مع المكان، فقد نُفِذَت بعض قطع الأثاث وقطع العرض في العصور المختلفة بأسلوب جميل ومهارة فائقة فعدت من الأعمال الفنية البديعة واستحقت أن تحتل مكانها اللائق في المتاحف كونها قطعاً فنية.

فكل تحفه قديمه مر على صنعها أكثر من خمسين عام .. وليس لها أي صفه أثرية تعتبر قطعة تراثية ترجع أهميتها إلى الزمن والمكان الذي صنعت فيه، حيث يتميز الأصلي منها بخفة الوزن وبنعومة الملمس ودقة التفاصيل، وتدخل الأنتيكات تحت جنسيات مختلفة فيوجد منها العربي والايطالي والانجليزي والصيني والنمساوي والروسي والفرنسي.

تعيد قطع الأنتيك الإحساس داخل المنزل بالتراث القديم، ولكن بشكل محدث  وهي أفضل من الإكسسوارات الأخرى التي تُزَين بها البيوت، كونها تعطيي راحة نفسية لساكنيه وتضفي على المنزل شكل جمالي رائع روح وطابع خاص ومميز.
واليوم يعطي وجود القطع القديمة في أرجاء البيت قيمة معنوية كبيرة فكل تحفة تعطي حكاية متكاملة تستحضر شخصية صاحبها، فبمجرد النظر إليها من الممكن تذكر وابل من الذكريات الحميمة التي لايعرف مكنونها سوى صاحبها، وبهذا تعد العاديات تراث حي في منازلنا، وهي ليست قصراً على طبقة معينة من المجتمع، فمن الممكن أن أزور صديق متوسط الحال وأجلس في منزله على موروث له من جده أو والده، أو أنظر حولي فأرى شمعدان أكل حوافه الصدأ أو مزهرية محت زخارفها آثار السنون، وبهذا أتعايش مع شيىء يرجع إلى ربع قرن أو أكثر، قد يفصح لي عن حال معينة لصاحبه في فترة ماضية، أو يعطي ماكان سائداً في تلك الفترة من فنون وطرز وابتكارات.

 ولكن اللافت للانتباه تبني  طبقة المنعمين اقتناء العاديات، وفي رأيي بأنه شيء حسن، كونهم قد حرصوا على سلامتها، لتحتل الصدارة  في منازلهم ، وخصص لتنسيق عرضها من كان بها خبيراً وذلك لإظهار مواطن الجمال فيها من خلال وضعية معينة، أو إنارة مدروسة لتواجدها ضمن مجموعة تعود لفترات زمنية متقاربة، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على الحنين للأصالة ووعي كامل للحفاظ على تراث متمثل في اقتناء هذه العاديات التي تتزايد قيمتها بمرور الأيام.

اليوم و نحن نتتبع أحدث ما أنتجه المصممون في مجال التصميمات الداخلية
نلحظ حرص  البعض على
إبراز كل مايتعلق  بالتراث، وتقديم قطع تراثية كجزء من لمسات التصاميم الداخلية، فالحنين للمنزل التراثي أعطى المصممين فرصة لتوظيف الفن القديم الأصيل في مساحات و مفردات شِعَبية تعطي روحاً جديدة إلى التصاميم الحديثة للمنزل, وكأن في هذا التراث تجديداً و بعثاً لروح كانت موجودة أعيدت إليها الحياة لتضاهي بجمالها ماهو موجود، معيدين بذلك إحياء قول الشاعر
كم من منزل
يألفه الفتى          وحنينه أبداً لأول منزل
ففي التراث المحلي نكهة جمالية و أبعاد نفسية لا يعرفها إلا من يتفاعل معها
.
وبهذا يعود الماضي ليسكن دورنا بما يحمله من عبق وذكريات وتواريخ، كونه جزءاً من تصميم المنزل،  وتواجد القطع التراثية في
كل زاوية و ركن فيه يعطي تجاوزاً لما هو مألوف، حتى أن البعض خصص ركناً خاصاً للتراث يجمعون فيه كل ما له علاقة بالتراث من قطع تعود إلى أماكن متباعدة، تحمل تاريخ وسجل معروف، وفي الغالب تكون هذه القطع غير مستخدمة و لكن أهميتها تكمن في قيمتها التراثية, ووجودها في ركن خاص يعطي مزيداً من الخصوصية والتفرد فصار للركن التراثي في المنزل شخصية مستقلة تربط الأبناء بماضيهم و تذكر الآباء بمورثهم وتعطي الزائر انطباع جميل عن مورث حضاري، فالناظر إلى تلك القطع التراثية الجميلة المعلقة على الجدران من قطع السلاح اليدوي كالسيوف الخناجر، أو الأرائك وقطع السجاد القديمة الموزعة في الأركان، أو تلك الشمعدانات والمزهريات القديمة، ناهيك عن تلك الصحون المستديرة المنقوشة بزخارف ذات ألوان زاهية، ، والصناديق الخشبية و المكاحل، الموزعة بشكل متناغم يوحي بالذوق دون أن يفقد القطع أهميتها، كل ذلك يعطي الزائر فرصة التمتع بالجلوس و التعايش مع التراث والتاريخ، كونها تغذي أرواحنا التي تحن وتئن لعبق السنين الراحلة كعنصر مُذكر دائم لأصالتنا وتاريخنا .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق