الأربعاء، 20 يوليو 2011

النضال كلمة عالية التقنيات- إلا أن ثريا الحافظ استطاعت أن تحصل على اللقب


ثريا الحافظ

 ممثلة جيل ولد في قلب دمشق..ونذر نفسه للوطن والعروبة، كانت من أبرز نساء جيلها مع ألفة عمر باشا الإدلبي، وجيهان موصلي،  اللواتي قارعن الاستعمار وساهمن مع غيرهن على خلفية نضال المجاهدين في صنع علائم النصر وإخراج المستعمر من أرض سورية، شجعها على ذلك المناخ النضالي المفعم، وزوجها المجاهد منير الريس صاحب (الكتاب الذهبي) والقلم الجريء، الذي آزرها وشد من عضدها، مما مكنها من تأسيس العديد من الجمعيات والمنتديات، وعلى رأسها منتدى سكينة الأدبي، الذي نثرت من على منبره بذور المعرفة، وحاضر فيه كبار مثقفي ومفكري الوطن العربي وهي تقف صامدة لا مبالية، كانت ثريا تساعد الناس وتشعر بهم، وهم بالتالي يشعرون بها أثناء الحاجة، قدّرها الجميع واحترمها، عملت جاهدة للحفاظ على حقوق مواطنيها من خلال نشر بذور الفكر الواعي الحر، حين قالت لم ندخر جهداً أنا ومثيلاتي من المناضلات لإيصال ما نريده إلى أكبر عدد ممكن من النساء فمن أحاديث في الإذاعة إلى محاضرات في الأندية، إلى توجيهات من خلال الجمعيات المؤسسة آنذاك: جمعية نقطة الحليب، يقظة المرأة الشامية، خريجات دور المعلمات، دوحة الأدب، جامعة نساء العرب القوميات، الرابطة الثقافية النسائية، منتدى سكينة الأدبي، النادي الأدبي النسائي، ومن خلال الاتصال المباشر بالنساء عن طريق المقاومة الشعبية للمرأة عام 1956 (العدوان الثلاثي على مصر) إضافة إلى تمريض جرحى المظاهرات ضد المستعمر الفرنسي، ومواساة أسر الشهداء، ورعاية أطفالهم مادياً ومعنوياً، وقد افتتحت جمعيات خريجات دور المعلمات حينها ميتماً تحت اسم (دار كفالة الفتاة) ابتدأ بعشرين يتيمة وانتهى بحوالي أربعمائة، يقدم لهن التعليم والرعاية حتى يكبرن ويعتمدن على أنفسهن، كذلك توجيه النساء لممارسة حقهن المشروع في ممارسة حق الانتخاب، ثم حق الترشيح، وقيامها فيما بعد مع بعض رفيقات دربها النضالي بتأسيس جمعية رعاية الجندي عام 1956، ليقمن بعدة زيارات للجنود في مواقعهم، وتقديم الهدايا لهم، تاهيك عن حفلات الترفيه، وزيارة المرضى من المجندين في المستشفيات لتقديم المواساة.

وحول التوعية العملية التي كانت تفاخر بها باستمرار، قيامها على رأس مئة سيدة برفع النقاب عن وجوههن في مظاهرة تحررية ، كانت أول امرأة سورية رشحت نفسها لانتخابات عامة، وأول من حملت بندقية ورشاشاً في المقاومة الشعبية.

أقامت عام 1946 صالونها الأدبي (حلقة الزهراء الأدبية) الذي أقيم في منزل زهراء العابد زوجة رئيس الجمهورية آنئذ، لصغر مساحة منزلها، لا يتسع لإقامة مثل هذا النوع من الصالونات الثقافية.

وعليه إذا ذكرنا تاريخ النضال النسوي والكفاح المرير بعد العهد العثماني لرأيناها المناضلة الجريئة الأولى.. فهي بطلة المظاهرات وخطيبة الجماهير في ساحات الثورات، وهي التي لا يعرف الخوف إلى قلبها سبيلا ، أحبت لغتها، وعشقت قوميتها، وسارت في خدمة أمتها في مختلف المجالات، وكان في أحاديثها صراحة وجرأة.. إن من يقرأ كتاببها (حدث ذات يوم) و (الحافظيات) يطلع على نضال المرأة السورية ضد الاستعمار الفرنسي، وعلى كفاح الفتيات اليافعات ضد الطغيان، ويعرف أن الأمة التي أنجبت خولة بنت الأزور، وأسماء.. أنها أنجبت أيضاً نساء في قلب دمشق نذرن نفوسهن لخدمة العروبة. أنها تعكس لك الأحداث كشريط ينساب أمامك بعفوية صاحبتها، بإخلاصها لأفكارها الاجتماعية والسياسية، بتمسكها بقيمها ومعتقداتها وصفاء نفسيتها، إنها أم جيل عشق الحرية والنضال.

استقلت سورية في 17 نيسان 1946، وشاركت النساء في احتفالات الجلاء التي أقيمت كل عام في ذكرى جلاء المستعمر الفرنسي، هذا الإنجاز التاريخي جاء نتيجة حتمية للنضال المتفاني السياسي والجماهيري السلمي والمسلّح الذي خاضته فئات شعبنا كلها على امتداد ربع قرن، والذي جسّد إرادة شعب وقضية وطن، عبّر فيها الشعب السوري عن عمق الانتماء لوطنه، والإيمان بالحرية والعدالة، وكانت الوحدة الوطنية التي تجلت بكل معانيها عاملاً أساسياً في تحقيق النصر, ولا يستطيع احد نكران الدور الهام والبطولي الذي قامت به المرأة السورية في مقارعة الاستعمار,  وذلك من خلال العديد من الأسماء النسائية كنازك العابد, و زينب الغزاوي, رشيدة الزيبق, سارة المؤيد العظم، ومنيرة المحايري، وثريا الحافظ، ويسرى ظبيان، وزهيرة العابد، وسنية الأيوبي، وجيهان موصللي، وبلقيس كردعلي, والشهيدة سلمى بنت محمد ديب قرقورة وغيرهن كثيرات.

وأخيراً أدى شعور المواطنة لدى النساء السوريات إلى تجاوز العادات والتقاليد التي كانت سائدة آنذاك, للوصول إلى حق مشروع،  هو  مشاركة المرأة الرجل في حق حماية وصون الوطن ، وصولا لنيل الحرية والاستقلال. 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق