الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

الدكتور جوزيف كلاس 1921-2011

جوزيف كلاس 1921-2011
غادرنا الأربعاء الطبيب الأديب الدمشقي العتيق الصديق جوزيف كلاس، كم تشعر النفس بالأسى لفراقه وكتابة هذه الكلمات، كان من فرسان الزمن الجميل جاهد في سبيل الوصول بالوطن إلى السؤدد والمجد، تحلى المغفور له بحسن الخلق ولين المعشر وروح الايمان إذ لم يأل من ذكر الله والحمد لله احتضنته مشفى الإيطالي بدمشق يافاً ومخضرماً وكهلاً لمشاركته في مرحلة التأسيس،  ليخرج منه الأمس مهيب الجانب كما دخله أول مرة طبيب القلب، داوى الجراح من خلال العلم وا لأدب رحمه الله وأوسع له في فسيح جناته.
ولد جوزيف أنيس كلاس في مدينة حماة السورية عام 1921، تلقى دراسته الإبتدائية فيها، ليغادرها إلى دمشق قاصداً كلية الطب فيها، وفي دمشق التي أحبها فأحبته بدأ بنوغه الفكري العلمي والأدبي بالنضج، إلا أن طموحه في اكتساب المعارف دفعه للسفر إلى فرنسا ليتابع تحصيله العلمي بعد تخرجه من جامعة دمشق عام 1949، وفي باريس اغترف من مناهل جامعتها فأدهش أساتذته بطموحه لينال الدبلوم عام 1953، ليتابع دراسته في مجال تخصصه في أمراض القلب، لينهي دراسته وينال الدكتوراه عام 1956.
شده حبه لموطنه، ليعود إيه طبيباً مختصاً ليلتحق بالقوات المسلحة، حيث تميز أثناء خدمته بدماثة أخلاق قل مثيلها، ونظراً لما قدمه من خدمات ملموسة قلد مناصب مهمة بين عامي 1956-1991.
لم يكن جوزيف كلاس ذلك المواطن العادي، بل كان مواطن استثنائي بامتياز أحس بهموم وطنه فتفان بحمل مسؤليته تجاهه من خلال مواقع عدة كان يستطيع البت في أمور تعني كثير لمواطنيه.
تفانيه في عمله وحبه للمحيطه ساعده بالولوج بين حياته العسكرية والمهنية والاجتماعية والأدبية. فكان متابعاً لكل جديد في تخصصه قريباً من حياة دمشق الإجتماعية والأدبية.
ونظراً لإلمامه بلغات عدة استطاع أن يترجم ويسخر ما يقرأ في مجالات تخدم قضايا علمية واجتماعية وأدبية كان قد سخر نفسه لخدمتها.
دفعته حصيلته العلمية والأدبية إلى كتابة البحوث العلمية والأدبية، فكان سفير بلاده في هذين المجالين العلم والأدب، وكان لجامعة باريس نصيب وافر من تلك البحوث المقدمة، إلا أن الحظوة كانت للمدينة التي عشقها دمشق، التي كان لها النصيب الأوفر من البحوث والندوات العلمية والأدبية.
خولته وفرة معارفه، لتمثيل بلاده سورية في مؤتمرات عدة، فانتدب ليكون محاضراً في كثير من دول أوروبة وأمريكا، نذكر منها: ألمانيا، سويسرة، إيطاليا، إنكلترة، الولايات الأمريكية المتحدة.
ونظراً لجهوده وعطائه المستمر، استحق أن يقلد خمسة أوسمة كان آخرها وسام الاستحقاق السوري، ووسام الاستحقاق الوطني الفرنسي، ولذلك لجهوده في دعم العلاقات السورية الفرنسية وذلك عام 1977.
استحواذه على ذلك المقام لم يكن ليثنيه عن المضي بإصرار في متابعة سيرته العلمية، ليتخذ منحاً أو منهجية لحياة مستقبلية، وعلى ذلك بدأ بالتغرغ إلى النشاطات الثقافية والأدبية المتعددة الجوانب، اتي كان قد بدأ ها منذ عام 1969، مستنداً بذلك على خلفية علمية وثقافية متينة مكنته في المضي في التغرغ لعرض مكنونات فكره من خلال ندوات قام بالحضير لها وذلك من خلال ندوته في مناقشة الجوانب الحقوقية والإنسانية والدينية والفنية.
لينتقل بعد ذلك إلى المزج بين العلم والأدب من خلال محاضرته الشيقة التي حملن عنوان " القلب بين الطبيب والأديب " وذلك عام 1990، ونظراً لقيمة هذه المحاضرة العلمية الأدبية، طلب منه إعادة إلقاها عام 1991.
وفي العام نفسه وقف في المكتبة الوطنية مضيفاً إلى ألقه العلمي مفردات جديدة ليحاضر حول" تاريخ النباتات الطبية في بلاد الشام"، ليعود عام 1992 إلى إضافة علمية جديدة من خلال محاضرته " القلب واللفافة الفاتنة" محاوراً اثنين من أطباء جيله هما الأستاذين الدكتور راتب كحالة، والدكتور عبد الغني عرفة.
وهنا يتجلى التنوع والإبداع، بما قدمه في تفس العام في محاضرته التي دار موضوعها حول" علم النبات العربي وعلماؤه" حيث افتتحت بها الندوة الدولية " تصنيع الأعشاب الطبية في سورية" التي نطمتها وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة الدولية.
ينتقل الدكتور كلاس عام 1993إلى محور آخر من التنوع والتجديد من خلال محاضرة جديدة تحمل عنوان " القلب والحب القاتل" حيث يظهر براعته الأدبية من خلال استقائه مقومات موضوعه من التراث العربي والبحث العلمي الحديث.
ليتبعها بمحاضرة علمية تاريخية أخري حملت عنوان " دور العرب في إحياء الحركة العلميىة في أوروبة في القرون الوسطى".
وهكذا وخلال سني حياته لم يتوقف الدكتور كلاس عن تقديم كل مافي مكنونات نفسه من وفكر وعلم وأدب ليكون أنموذجاً يحتذى به لمواطن وعالم وهب وسخر نفسه في سبيل ابراز وجه بلاده المشرق من خلال نتاجه هذا.
وأخيراً يتوج المترجم له نتاجه الفكري والعلمي بمجموعة مؤلفات متداولة نذكر منها:
سيرة الطب في الحضارة القديمة عام 1995.
القلب بين الطبيب والأديب 1997.ناشيد من الفردوس المفقود 2004.
أعلام الفكر الأندلسي 2006.
الحياة السياسية في العصور العربية القديمة 2008.
دمشق الفيحاء 2009.
ترك الدكتور كلاس أرثاً حضارياً مكتوباً من خلال ماخطه قلمه من فكر عميق مستنير، من القلب الذي أعطى الكثير من الحب لأجيال عاش معها حيث استشف موضوعاته من ثناياها يخط لنا ولمن سيأتي بعدنا سيرة جيل من أبناء سوريا نبع العطاءِ لاينفذ.
د. عزةعلي آقبيق






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق