الجمعة، 6 سبتمبر 2013

الحلبوني قلب دمشق

حي الحلبوني
 يقع حي الحلبوني في منطقة البرامكة، إلى الغرب المجاور لمحطة الحجاز، ويمتد إلى مشفى دار التوليد في البرامكة.
عرفت محلة الحلبوني في العهد المملوكي باسم وادي الأعجام، كم ذكر ابن قاضي شهبة في القرن الثامن للهجرة، ( الجنوب من وادي شقرا الذي يقع إلى الغرب من وادي البنفسج المشهور)، وفيه وجدت محلة الخلخال، التي تعد من أجمل بقاع دمشق، وفيها قبور البرامكة، وقسم من محلة المنيبع، أو عين المنيبع التي تعني بالسريانية العين المتفجرة، ويعزى ذلك لمرور نهر القنوات فيها، أو وجود عين ماء متدفقة هناك.
  يقع وادي الأعجام، حيث توجد زاوية تحمل نفس الاسم في موقع جنينة النعنع اليوم، التي زالت آثارها، وتحول الاسم إلى بستان الأعجام ليحمل في أواخر القرن الماضي اسم زقاق المنلا، وظل كذلك إلى أن اشتراه حسن أفندي الحلبوني وعمر فيه قصره سنة 1340هـ، وعمر إلى جانبه الجامع الذي عرف به، ليمتد العمران إلى البستان، لتشيد أبنية كثيرة، ليطلق على الحي بكامله حي الحلبوني.
اما نسبة الحلبوني، فتعود إلى قرية حلبون من قرى التل شمالي دمشق والتي تشتهر بطيب هواءها وجبالها ومتنزهاتها.
ن طريف ماروي حول حي الحلبوني: ان منشىء الحي كان قد ظفر بإحدى طمائر الجيش العثماني عقب انسحابه من بلاد الشام، عام 1918م، وهي عبارة عن صناديق عدة مملوءة بالذهب العصملي الوهاج، فصار من كبار الأغنياء وأثرى، ومن هذا المال عمر القصر والجامع، وربما تكون الرواية لاتعدو مبلغ الأقاويل.
من أهم المباني القائمة إلى اليوم، جامع الحلبوني، شيده الحلبوني عام 1933م.
 الأستاذ أكرم العلبي، صاحب كتاب خطط دمشق؛ الذي أورد: بأن جامع الحلبوني من أهم العمائر في المنطقة، لكونه الأقدم ومن تسميته استمد اسم المكان، من المساجد التي بنيت في العهد الفرنسي، في موقع بستان الأعجام، نسب إلى اسم بانيه،  تحيط به من جهة الغرب حديقة غناء، أضيفت إلى الجامع عام 1402 هـ، فازدادت محاسنه، وتضاعفت مساحته، وصارت تقام فيه الجمع، فيه نقوش يعود تاريخها إلى 1352هـ و 1360هـ وربما أقيم الجامع على أنقاض مدرسة أو جامع كما يلاحظ من قبته، وذلك لوجود عدد من المدارس والمساجد والزوايا في المنطقة.
أما قتيبة الشهابي، فأورد في مؤلفه مآذن دمشق: بالنسبة لمئذنة الجامع، فهي من الطراز الهجين، فالطبقة الأولى من جذعها كثيرة الأضلاع تزينها أشرطة، حجرية بارزة، تنتهي في الأعلى بأفاريز بارزة، تحمل شرفة مستديرة يحيطها درابزين مضلع من الحديد، لتنتهي الطبقة الثانية من الجزع بـ 12 ضلعاً يحيطها درابزين مضلع اسمنتي، مفرغ بدوائر تزينية،  تغطيها مظلة على شاكلتها، لينتهي رأس المئذنة بسوجق ثنائي الطبقة، زينت العلوية منه بالمحاريب، تعلوه قبة نصف دائرية، تحمل ذروة صنوبرية. وتمثل المئذنة قمة الفن المعماري الهجين التشكيلي، لما فيها من تناسق وتوافق وارتباط وانسجام.
وبجولة لمدونة وطن في حي الحلبوني، وجد أن العمائر تعود في بنائها إلى الفترة العثمانية وفيما بعد الفرنسية، وذلك لتطابق فن المعمار الهندسي فيها مع مناطق سكنية حديثة خارج السور، هذا مع وجود مزيج معماري بين بيوت عربية قديمة مازالت قائمة، بالتجاور مع أبنية ذات طابع معماري كلاسيكي. وبلقاء مع شيخ مهندسي الشام خليل الفرا قال: افتقدت بيوت حي الحلبوني المساحات الخلفية والجانبية، وهذا مايعني افتقادها للحدائق والفسحات السماوية، قطنتها الأسر الدمشقية العريقة، لموقعها وطيب هوائها، وما زال بيت الشيخ تاج الدين الحسني قائماً ليذكر بسكن رئيس الجمهورية السورية، كذلك سعيد الغزي،     الذي خلف ذكره بجادة الغزي الموجودة حتى الآن، وموفق النحلاوي، وغيرهم كثر.
ليتحدث الأستاذ نشوان الأتاسي: لطالما أحببت أحياء الشام فكنت أتردد عليها بشغف ولقد قضيت فترة دراستي الجامعية مقيماً في حي الحلبوني ( المنطقة مابين خلف مدرج جامعة دمشق، شارع المكتبات الجدار الخلفي لكلية طب الأسنان ومشفى الجامعة الطريق العام الفاصل بين الحلبوني والبرامكة)، والذي ضم بين جنباته مزيج اجتماعي فريد، كان الملاك دمشقيون، والمستأجرون من الطلاب من حمص وحماه، فعلى ماأذكر سكن في الجوار آل السيد والقضماني، والمقداد من حوران، وعائلة جركسية، وأخرى فلسطينية، بالقرب منها فرع لمنظمة تحرير فلسطين( القيادة العامة) كانت شوارعه نظيفة، ذات أشجار وارفة ظليلة، وللحي خصوصيته، وفيما بعد تحولت المنطقة تدريجياً من حي سكني هادىء إلى حي تجاري، ليحل محل سوق الوراقين  الكائن في المسكية الواقعة داخل السور.
وبزيارة لأشهر مكتبات الحلبوني، مكتبة أبو عبادة لصاحبها محمد زكي رمضان يوسف، تحدث عن أهمية حي الحلبوني، لموقعه المتميزبين أحياء دمشق القديمة والحديثة، وأهميته الثقافية من حيث طباعة الكتب المختلفة المناهج وتوريدها إلى داخل سورية والعالم. ليقول:  يرتاد مكتبتي كثيرون من جنسيات مختلفة للسؤال عن نفائس الكتب، منهم أمريكيين ويابانيين جمعتني معهم صداقة، ومنهم فرنسيين و ألمان من المستشرقين الذين يبحثون عن المعرفة المكتوبة. 
وبجولة لمدونة وطن داخل أزقة الحي وجدت بأن الحي يمثل قمة في التماذج الإنساني والثقافي والحضاري بين ماكان وبين ماهو موجود.
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق