الثلاثاء، 28 يونيو 2016

المربية الفاضلة "فلك هاشم"

لمربية الفاضلة "فلك هاشم"
ولدت في حلب عام 1929م، عمل والدها "فوزي هاشم" كقاضي في محافظات سورية
عين في أنطاكية في الفترة التركية ، ثم انتقلت العائلة من انطاكية إلى حماة ثم أدلب ثم دير الزور فحلب لتكون المحطة الأخيرة في دمشق، حيث عين مفتشاً عاماً في وزارة العدل، ايتقاعد من الخدمة سنة 1976م، بعد جايل عمل قدمه لكل بقعة في الوطن.
استطاعت مدونة وطن لقاء المربية "فلك هاشم"، التي قالت: دخلت المدرسة في سن مبكرة، حيث لم يكن في تلك الفترة سن محددة لدخول المدارس، بداية دخلت المدارس الحكومية وعندما أصبحت في سن الخامسة انتسبت إلى المدارس الفرنسية التي كانت منتشرة في معظم محافظات القطر السوري، ونظراً لصغر سني كنت أشارك الحصص كمستمعة، ومع مغادرة العائلة حماه إلى درعا انتسبت إلى مدرسة سانت جوزيف الفرنسية، وهنا دخلت مرحلة التعليم الابتدائي كانت المواد تدرس باللغة الفرنسية هذا بالإضافة إلى مادة الموسيقى والتي كانت تشمل تدريب الطلبة العزف على آلة موسيقية يختارها الطالب، فاخترت العزف على البيانو، ونظراً لأسلوب معلمتي الأنيق أحببت المادة وأتقنت العزف بسرعة، أتممت المرحلة الابتدائية في دير الزور في مدرسة "سان تيريز"
وكنت آن ذاك في الصف الخامس وعدت إلى حلب لأنتسب إلى مدرسة "الفرانسسكان" واستمرت دراستي فيها حتى انتهائي من المرحلة الثانوية بشقها الفرنسي حيث كانت أوراق الامتحان ترسل إلى باريس ليتم تصححيها هناك وإرسال النتائج فيما بعد.
كان داك في عام 1944م
وفي أواخر عام 1945 غادر الفرنسيون البلاد, فانتسبت إلى ثانوية التجهيز الأولى في حلب و حصلت على الثانوية في اللغة العربية.
وبعدها انتسبت إلى جامعة دمشق حيث نقل والدي للعمل فيها، تستطعت في نفس الفترة اجتياز مسابقة باللغة الفرنسية ونظراً لتفوقي حصلت على منحة من الحكومة الفرنسية لمتابعة دراستي الجامعية في باريس، إلا أن إصرار والدي على متابعة الدراسة في جامعة دمشق، جعلني انتسب إلى
في تلك المرحلة إلى المعهد العالي للمعلمين عام 1946 م وبعد تخرجي، أخترت كلية الرياضيات لشغفي الشديد بهذه المادة.
تعرفت على زوج "رفاه قسوات" في السنة الأخيرة من الدراسة، وتزوجنا عام 1955 م حيث أنجبنا ولدينا المقيمان الآن في كندا.
في تلك الفترة ضمت كلية الرياضيات نخبة من الطلاب المتميزين ومنهم: "رفاه قسوات"، "توفيق أنطون"، "أسعد لطفي"، "مصطفى أيوب"، "مرسيل داغل"، ومجموعة كبيرة من المتفوقين المتميزين
وبالرغم من جهودي في الدراسة إلا أنني لم أستطع التفوق على أقراني لوجود نخبة من المتميزين في هذا المجال.
دخلت أول مجال التدريس في مدرسة التجهيز السابعة في الشام القديمة، وفيما بعد انتقلت إلى مدرسة التجهيز الثانية وكانت مديرتها "ليلى الصباغ" التي عرف عنها الانضباط الشديد والتقيد بالنظام أكثر من اللازم حيث كان للنظام الأولوية في إدارة المدرسة والحق يقال كانت مربية فاضلة و محترمة.
انتقلت بعدها للتدريس في الثانوية الثانية عام ١٩٨٦م "ساطع الحصري" اليوم، وكانت مديرتها المربية "أميمة غيبة"في نيسان ١٩٧٤م طلبت التقاعد أكثر من مرة، فرفضت الوزارة الطلب؛ على أن يتم نقلب إلى المديرية ولكنهم طلبوا نقلي إلى المديرية ورفضت بسبب وضعي الصحي وعليه تم تقاعدي، بعد أن خدمت الوطن في مجال التربية والتعليم مدة عشرون عاماً وسبعة أشهر.
من أبرز تلاميذي: "رانيا القوتلي" التي مازلت أذكر تفوقها إلى الآن.
كذلك اسطاعة مدونة وطن مشاركة الحوار مع الأستاذ
"رفاه قسوات" الذي تحدث بأنه ولد في منطقة مأذنة الشحم حي الشاغور جواني، عام ٢٩٣٠م انتسب إلى المدارس الحكومية وكان متفوقا في مادة الرياضيات .
حصل عام 1948م البكالوريا وانتسب إلى معهد المدرسين وفيما بعد انتسب إلى جامعة دمشق، ولكونه متفوقا في مادة الرياضيات آثرها على مجمل الكليات التي كانت موجودة آن ذاك، عرف بذكائه وتفوقه بين زملائه وأساتذته في تلك الحقبة
اتجه إلى التعليم بعد التخرج فكان من أساتذة التجهيز الأولى "جودت الهاشمي" وقانوية" ابن خلدون" الآن.
يقول كانت عقول الطلبة منفتحة على التعلم، من أهم مدرسي تلك الفترة: نعيم المرابط
الذي تخرج على يديه خيرة مثقفي دمشق في مجلات كافة. بدأ يشارك بوضع المنهج التعليمي لمادة الرياضيات 1967م
درس في معهد الرواد مع صديقه الأستاذ زياد الترزي حيث عمل الإثنان على تخريج دفعات متتالية من المتفوقين الذين انتسبوا إلى جامعة دمشق بكلياتها المختلفة.
يقول:"توفيق أبو شنب"عن صديقه "رفاه قسوات"
ذكاء رياضي غير عادي، مدرس ناحج، مخلص لمهنة التعليم، فنان تشكيلي من النوع الراقي؛ شغوف بسماع الموسيقى كنا نجتمع مع زميلنا صلحي الوادي وفاروق سلكا فنستعيد الذكريات على أنغام الموسيقى العذبة.
ويقول: "فرج بزازة" معرفتي "بفلك هاشم" تطال الثلاثين عاماً وخلال هذه الفترة كانت القدوة الحسنة لي من حيث الالتزام بالواعيد، بالإضافة إلى التألق الفكري والمعرفي الذي اكتسبته من معرفتي بها طوال تلك الفترة.

الجمعة، 17 يونيو 2016

شارع البدوي قلب دمشق الاقتصادي والفني

"شارع البدوي" نقطة انطلاق لفعاليات اقتصادية وفنية في قلب دمشق أواخر القرن التاسع عشر.مدونة وطن كانت هناك بتاريخ 4-1-2015م إن أهم ما يميز "شارع البدوي" مقام السيد البديوي الذي سمي المكان باسمه، حيث ما زالت الزيارات والحضرات تقام به، يقول القيم على المكان: تشعل الشموع عند النوافذ في منظر بديع، يعطي زوار المكان الأمان، كذلك تؤدى النذور في يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، لتقام الحضرات بعد صلاة الجمعة. يقول:"أحمد الدباغ" بالإضافة إلى مقام البدوي، وجد مقامين، مقام الشيخ مسعود، ومقام العالم الفارابي. ومسجدي النجارين، والجرن الأسود، الذي كان يقع في منطقة البساتين، حيث وضع جرن عند باب كل بستان، توضع فيه صدقات من خيراته المختلفة. ليقول: "سالم بكري قبيس"، كانت عادة وضع الأجران معروفة، حيث امتدت البساتين على طول الطرف اليميني للشارع، قبل توسع الترب، التي سميت بالبرية لاتساعها، وبعدها عن وسط المدينة القديمة، ليقول: قديماً اتصل شارع البدوي بمحيط دمشق خارج السور حيث البرية الخضراء مما أعطى الحي جمالية معينة.يمتد شارع البدوي من تقاطع باب الجابية وباب الصغير خارج دمشق القديمة والسويقة إلى منطقة الشاغور البراني، ذكر في يوميات المؤرخ ابن كنان الصالحي، سمي شارع البدوي نسبة إلى مقام الشيخ البدوي الذي يقع في منتصفه. ويعود وجود الشارع إلى الفترة الأيوبية حيث ذكر وجود مكان الجرن الأسود.
 عرف الحي بصبغته التجارية لكثرة محاله وتنوع العاملين بالحرف اليدوية.
وتأتي أهميته من اتصاله المباشر بالسواق المحيط به وبالغوطة، ولقربه من الأفق الاقتصادي الذي يعرفه مزارعو ريف دمشق، مما فعّل دور الوحدات الاقتصادية الصغيرة التي أدارت فيما بعد حركة اقتصادية متبادلة بين دمشق وريفها في رحلات شبه يومية.
 عرف قديماً السوق بتعدد خاناته التي كانت مقصداً للتجار والأغراب الذين يبيتون فيها لإنهاء أعمالهم، والتي حوت طبقاتها السفلى اسطبلات للخيل، مازال بعضها إلى يومنا، من أهمها خان الطويل، وخان أبو حمو الشنواني الذي يقع في آخر الشارع، وخان زغلولة.وكانت لبيوت هذا الحي الجميلة فسحات سماوية تصل إليها من خلال دهاليز صغيرة لترى أشجار الليمون والنارنج وعريشة العنب والياسمين الأبيض الشامي والعراتلي. ومن أجمل بيوت الحي بيت أبو أمين الحنبلي حيث يمر النهر عبره ومن ثم يعود بالخروج إلى البيوت المجاورة. التي تطل على الشارع الرئيس مباشرة بأبواب خشبية جميلة تليها أقواس حجرية مزينة.كما اشتهر الحي بغزارة مياهه وبوجود أقنية مياه تمر بأقنية داخل الجدران لتغذية البيوت، ونظراً لكثرة قنوات المياه، كان قسم منها يمر بغرف الأقبية، والتي عرفت بالبراد نظراً لبرودتها، لم يؤرخ لوجود حمام عام بنفس المنطقة، بل وجدت حمامات في المناطق المجاورة. وربما يعزى ذلك لتوفر سبل جر المياه إلى داخل البيوت عبر نهر بانياس، والتي كان لها أربابها، كآل "أبو قاسم دلول." مع توسع دمشق بدأ شارع البديوي بالانكماش وبخاصة بعد توسع المقابر التي تحيط به من جهتين، ولكن ذلك لم يؤثر على فعاليته بل بات التعامل فيه منصباً على واردات الأسواق الملاصقة له.
وباللقاء مع إحدى قاطنيه وأبنائه: "منذر النن" الذي اصطحبنا بجولة داخل المكان حيث شوهد عند المدخل الرئيس للحي "جامع العجمي" بمئذنته الجميلة وهي تحفة فنية مثيرة للاهتمام ومن ثم مقابر "آل مردم بيك" (حيث تقبع تحت القبة الملكة "بلقيس" وابنها "يحيى")، وبالنظر إلى أول السوق تطل بقايا "خان الطويل"، لم يبق منه اليوم إلا لوحته التي تدل على وجوده قديماً.
وبلقاء مع "محمد توفيق درويش" أورد بأن أجداده عملوا منذ القدم في هذا المكان الذي كان يتميز بحركة تجارية واسعة وسريعة لوجود مصانع صغيرة لسك المعادن، النجارة، والصباغة (أهتمت بحاجيات الفترات السابقة في الغالب)، وفيما بعد أهتم البعض بالحفر على الأحجار أو تقطيعها لتستخدم في البيوتات التي كانت في الغالب أملاك يهودية، حيث اشتهر المكان بوجود الطائفة اليهودية التي اسهمت في نشوء الحركة الفنية في سوريا، حيث ارتاد هذا المكان مع المكان المجاور زقاق البغرل عدد لا بأس به من الفنانين الذي اشتهروا فيما بعد.
 وحسب ما افادتنا به "نازك كزبر"وهي من مواليد الحي بأن الحي أخذ صبغة معينة لوجود عدد كبير من بيوت بنات الهوى فيه مع أنها لم تورد جنسية معينة إلا أن مجمل الأقوال اتفقت على أن غالبية العاملات كنّ من اليهوديات، فقد وصل صيتهن الآفاق بإتقانهن طبيعة العمل ومهارتهن في جلب الزبائن للتمتع بفنون مختلفة منها الغناء والرقص والعزف بالإضافة إلى وجود بيوت بنات خطا، مع وجود مدرسة لتعليم الرقص ووجود مكان لنقش الحناء، فكانت الراقصات يخرجن بملابس الرقص مع وضع الملاية على الرأس لتغطية الشعر خشية الفتنة، يقول: "راتب الشنواني" وجد مقهى عند المنعطف ينتظر به من يود الاستمتاع بالمشاهدة أو المغامرة.
ساعد على اتقان هذه الحرفة وجود زقاق مجاور وهو زقاق الزط حيث عرف سكانه بسمرة البشرة وحبهم للرقص والعزف واستغنائهم عن كل ما هو تقليدي، وقد اتخذوا حرفة الرقص كمورد للرزق، ورد ذكرهم في رسالة كشف اللثام عن أحوال دمشق الشام لتعرف هذه الجالية باسم الكرفاني وهي عبارة عثمانية معناها دار الضيافة.
كذلك اشتهر الحي بوجود مدرسة الحاجة "وهيبة" وخجا لتعليم الأولاد القراءة وبعض الحرف.
 يقول " الشنواني "من أعيان الحي: في هذه البيئة تواجدت عدة نقاط أمينة واحدة لحفظ الأمن، لكون منطقة البدوي معبراً لدخول ثوار الثورة السورية في فترة الاحتلال الفرنسي، ليشير: تنتثرعلى الأسطح بعض القناصة، لقنص المناوئين، وما زال البعض يذكر "أبو فهد" الملقب "ببيكو الطراد"، الذي قنصه أحد الجنود السنغال وقتها. أما المخفر الآخر فكان لحفظ سلامة العاملات في بيوت الهوى وزبائنهم من مختلف الطبقات، عرفت النقاط الأمنية باسم الكركون آن ذاك، فكانت الشرطة تقبض رشاوى من الزبون ومن مديرة تلك المنازل وتفض النزاعات التي تحدث في معظم الأحيان.
عرف الشارع بشارع المرقص، وكان يأمه الجنود الفرنسيين من مختلفي الجنسيات.
يورد"عبد القادر الطويل"، بأن نقطة التفتيش لم تكن لتسمح بمرور من هم تحت السن القانونية من الذكور.
واليوم تعددت الحرف في شارع البدوي انتقالاً من التجارة إلى قطع الرخام والصناعة النحاسية والنراجيل وصناعة النشاء والأهم صناعة خزائن المونة الخشبية التي اشتهر المكان منذ القدم بصناعتها ( النمالي)، بالإضافة إلى أسرة الأطفال الهزازة التي تعلق في الأسقف، يورد "عدنان جبريل" مختار الشاغور، بوجود قهوة النجارين، وجامع النجارين، وفرن النجارين أيضاً وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على اتساع مهنة النجارة في الحي. مع انتشار صناعة أقراص الزبل كوقود للحمام أو وقود للطبخ في البيوت.
كذلك خدم الحي، بوجود مشفى فرنسي صغير، ومواقف لنقل الوافدين والمغادرين، فيما بعد.تحول الحي اليوم إلى منطقة لسكنى اللاجئين الفلسطينيين، مع وجود بعض ورش لأعمال مختلفة، وتحول بعض شباب الحي، إلى فرق فنية تراثية، تعمل في الأفراح لإحياء العراضة الدمشقية القديمة.